ملاحظات على هامش اعتقال مول الكاسكيطة: ماذا بعد موجات بلطجة اللايف و"التبراح" السياسي

هيئة التحرير
غير مصنف
هيئة التحرير5 ديسمبر 2019آخر تحديث : الخميس 5 ديسمبر 2019 - 12:28 مساءً
ملاحظات على هامش اعتقال مول الكاسكيطة: ماذا بعد موجات بلطجة اللايف و"التبراح" السياسي

مرة أخرى يجد “محمد السكاكي” نفسه معتقلا على خلفية غزوات “لايفية”، أطلق من خلالها العنان للسانه في كيل الاتهامات يمينا وشمالا، تحت تصفيق واحتفاء كائنات افتراضية بمسميات ” الثائر” و”الحكيم” و” المناضل” و”الحر” وغيرها من الأسماء الفايسبوكية.

ما يجعل من الاعتقال الأخير “لمول الكاسكيطة” مزعجا لكل معارفه عن قرب، أن الجميع اعتقد بأنه قام بالتخلص من وضعية “الرهينة” التي كان يتخذها منه بعض مناضلي “الفايسبوك”، لكنه سرعان ما عاد لينقلب على نفسه، وينشر واحدا من أكثر فديوهاته تقزيزا، ما جعل العديدين يتساءلون: هل كان “السكاكي” في وضع طبيعي لحظة تسجيل اللايف؟

المشكل أن العديد من المعلقين على واقعة اعتقال “مول الكاسكيطة”، انطلقوا من نفس قراءته “التسطيحية” لحرية التعبير، فالرجل بين قوسين اختار مقاربة معينة لتحليل الأوضاع، ولإصدار الأحكام، وتصنيف المجتمع بين “عياش” و”مناضل”، “مبدئي” و”انتهازي”، والأخطر إلي “انسان” و”حيوان”.

يحق لهذا المجتمع بأطره، بأطبائه ومهندسيه بمحاميه وقضاته، بصحافييه وموظفيه، بأساتذته، بعماله وطلبته وتلاميذه، بشبابه ونسائه وكهوله، يحق لهم جميعا أن يتساءلوا هل الكل جبان متواطئ لأنه لا يتبنى مقاربة “مول الكاسكيطة”، وأنه الوحيد الذي شرب لبن السباع واعتلى لايف الفايسبوك ليوزع مواعظه السياسية بالحقيقة المطلقة والتي لا ياتيها باطل.

ضجة “الفايسبوك” التي أحدتها الفيديو الصادم إياه، تخفي أمرا خطيرا للغاية، وهي جبن الطبقة السياسية المغربية وتواريها عن الأنظار عند كل نقاش مجتمعي يتطلب موقفا واضحا، فالخطاب الذي تبناه مول “الكاسكيطة” يتواجد علي النقيض من كل طروحات الأحزاب الوطنية التي يتم تمويلها من دافع الضرائب المغربي، ومع ذلك لم نر تحاليل لم نر نزولا لأدرعها الشبابية لساحات النقاش، ولم نر تأطيرا لردود الأفعال العاطفية.

بدا جليا أنه حتى أكثر التنظيمات الراديكالية داخل المغرب لم تتبنى يوما موقفا بهذه العدمية من المؤسسات ومن المواطنين، بما يعني أننا أمام مد لكائنات افتراضية يجهل هويتها وأهدافها واستطاعت أن تجد لنفسها موقع قدم لدى بعض الشباب، وهو الوضع الذي يسائل المجتمع ككل بجميع قواه الحية، كما يرفع تحدي تأطير فضاءات التواصل الاجتماعي كمغدي ليس فقط بالمعلومة بل كمحدد للكثير من المواقف.

“مول الكاسكيطة” وغيره من الشباب الذين جرفتهم الحماسة و”الجيمات” و”القلوب الحمراء” الافتراضية الى لبس ثوب الواعظين والمناضلين الذي لا يشق لهم غبار، وموزعي صكوك الوطنية على مكونات المجتمع، يعلمون قبل غيرهم بأن كل زادهم خطاب سطحي للغاية، وبأن مواجهة المشاكل الاجتماعية مدخلها الوحيد والأوحد هو النضال من داخل المؤسسات عبر الآليات التي حددها التعاقد الأسمي داخل الدولة ، أي الدستور ولا غير ذلك.

عذراً التعليقات مغلقة