شهدت مدينة الرباط، صباح البارحة، تنظيم ندوة وطنية تحت عنوان “الصحافة المغربية: الأزمة الوجودية وسبل الإنقاذ”، من طرف الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بحضور شخصيات وازنة من عالم الإعلام والسياسة، في مقدمتهم ثلاثة وزراء إعلام سابقين: محمد نبيل بنعبد الله، الحسين بنعبيابة ومحمد الخلفي، إلى جانب الدكتور والاستاذ محمد مشيشي العلمي، ومهنيين ومحامون، الذين قدموا مداخلات قوية حول التحديات الهيكلية التي يعيشها القطاع الإعلامي المغربي.
– تشخيص حاد لأزمة الصحافة
في مداخلاتهم، اتفق المتدخلون على عمق الأزمة التي تتخبط فيها الصحافة الوطنية، سواء على مستوى التمويل، أو الإطار القانوني والتنظيمي، أو حتى على صعيد التأثير والفعالية في المشهد المجتمعي. ونبه المشاركون إلى التراجع المقلق في عدد المقاولات الصحفية والصحفيين المعتمدين، مقارنة مع فوضى الميكروفونات التي اضحك تعمل خارج قيم وأخلاق المجتمع المغربي، مشيرين إلى أن ذلك يعكس اختناقات بنيوية يستدعي تدخلاً عاجلاً.
وسجل المشاركون أن المغرب ما يزال بعيداً عن الركب الإعلامي الدولي، حيث قارن البعض بين واقع الصحافة الوطنية وتجارب أخرى، مثل مصر التي تتوفر على أكثر من 40 قناة إخبارية ورياضية، في حين ما يزال المشهد المغربي يراوح مكانه.
– مدخلات تدعو لاستقلالية وفعالية أكبر
وأكد الوزراء السابقون، في مداخلاتهم، على ضرورة إعطاء الأولوية لتأهيل الصحافة المغربية لتصبح مستقلة، فعالة، وذات جاذبية، داعين إلى إصلاح المنظومة القانونية المنظمة للمهنة، خصوصاً في ظل “التحديات الرقمية والإعلام البديل”.
كما وجه الوزير السابق محمد الخلفي انتقادات شديدة للتدبير الحالي للمجلس الوطني للصحافة، واصفاً إياه بـ”المنعرج الخطير”، منتقداً تعيين لجنة مؤقتة تفتقر إلى الشرعية والدينامية اللازمة للدفاع عن المهنة، مما زاد من تفاقم الأزمة.
محمد عبيابة، الوزير السابق، طرح بدوره مجموعة من التساؤلات الجوهرية من بينها هل الاعلام الحالي يواكب الدولة؟ حيثاشار إلى غياب الاعلام عن مواكبة حقيقية للاوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب. كاستراتيجية الأطلسي وغيرها.
الأرقام تكشف عمق الاختلالات
كشف الخلفي، خلال الجلسة التي أدارها الصحفي يونس مسكين، أرقاماً مالية دقيقة تهم الدعم العمومي، توزيع الإعلانات، وتراجع أعداد بطائق الصحافة، وهو ما اعتبره مؤشراً خطيراً على فقدان الثقة في القطاع، داعياً إلى إطلاق مشاورات جدية مع الفاعلين المهنيين والنقابيين من أجل وضع خارطة طريق لإنقاذ المقاولات الصحفية.
وأشار الخلفي إلى أن الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة تحول من دعم إلى عبء بفعل التعقيدات المسطرية، مطالباً بمراجعة هذا النظام بما يضمن توازناً مالياً ديمقراطيا وعادل لكل المؤسسات الإعلامية.
افتتاحية غنية بالمواقف
الجلسة الافتتاحية، التي نشطها الإعلامي محمد عبد الرحمن برادة، عرفت كلمات مؤثرة لكل من ممثل الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، مصطفى امدجار ممثل وزارة التواصل، وبدر الدين الإدريسي، رئيس الجمعية المغربية للصحافة الرياضية، إضافة إلى ممثلي الجامعة الوطنية للصحافة والإعلام، اتحاد المقاولات الصحفية المتوسطة والفيدرالية المغربية للإعلام. جلسة شرحت الواقع المؤلم للعمل الصحفي مع التأكيد على ضرورة وحدةالجسم الصحفي والحد من التشردم الذي لا يخدم رسالة الاعلام الوطني المفروض فيه مواكبة تحديات تحولات الدولة المغربية.
توصيات وإحالات على التجارب الدولية
وفي ختام مداخلته، استعرض الخلفي نماذج ناجحة من دول كفرنسا، بريطانيا، والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكداً أن التغيير ممكن متى توفرت الإرادة السياسية والوعي بأهمية الإعلام كرافعة للديمقراطية والتنمية المجتمعية، ليقوم بدوره الأساسي في تأطير وتوعية المواطن بكل مسؤولية وحياد وموضوعية في تناغم مع كل المكونات الفعالة بالمملكة.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=10262