
تحتفظ “سطات” بسكونها، نقاء استثنائي وإن شكلت جزء من جهة صاخبة (الدارالبيضاء –سطات). بالرغم من تغير ملامح المدينة وتشكل فئات أخرى اندمجت بها الا أن هذه المدينة لها سحر جاذب بقدر ما تشتاق اليها بقدر ما تطوقك بحضن مؤلم، فتريد مرة اخرى ان تغادرها .
يتميز تاريخها بتناقضات :’ المنسي ،المطمور ،المقموع وهناك الظاهر والمستتر’، كل هذه التقاطعات تصاحبك وانت تريد تحديد ملامحها .إرتبط اسمها باسم وزير الداخلية ولما خرج من دائرة السلطة كانت المدينة مستعدة للخروج من الحياة وألادهى لم تصرح بهذا لم تصدر بيان ولا تقرير ولم تستشر احد ، حتى قطنيها لم يخرجوا ليعبروا عن غضبهم ولا فرحتهم لذلك سيبقى في التاريخ بياض وعلامة تعجب تفرض على كل متكلم بصيغة الجمع ان يلملم عدد من العلوم ليفتح صفحة من تلك المرحلة من اراد الحديث عنها عليه ان يكون بحجم عقل غوستاف لوبون او بحجم دماغ لوسيان ، او جاك.لوغوف..، لا يمكن فهم هذه السيكولوجية والمفارقة التي تميزنا دون الاخرين ، (بكائيات)حينا (ندم) حينا أخر .
سطات بمعنى فضلت ان تصاحب الجميع في الظاهر وضد الجميع في الباطن ،لذلك هي تمشي بلا افق “مستقبلها هو ماضي قريب” لم يفهم قط هذا الزيف الذي ابتلعه الجميع دون تردد حتى من كانوا من المنددين بسياسية بادريس على الاقل ايدولوجيا ،ابتلعوا هذا الزيف .
من المفارقة ! المدينة تبكي احيانا فترة -الابن المدلل- الذي أصبح يتيما أو يتوهم- يتما -لم يحصل قط .
ففي حالة غريبة فضلت كل نخبها ان تتوقف عن المشي بمعنى عن المنافسة استقر كل السطاتيين على مايبدو على يقين «ان المستقبل هو الماضي» ضد عوامل الزمن وضد قوانين الفيزياء ، ظل الحجر واعمدة النور المزركشة جديدية في نظرهم علما انها …تأكلت بالصدأ فمن سنة 2000 الى الان مرت عشرون سنة اتعلمون هذا!.
تغير المغرب كثيرا ايقاع حركاته وسكونه بدأت له ملامح أخرى فيها طموح وحب إتباث الذات وجدل لكن يصر عدد من ابناء المدينة ان يتقدموا بأطروحتهم تصحبها زفرة وتنهيدة تخرج كمية من الاحساس بالظلم والحيف والتهميش وبعدها نسمع كنا وقال له فلان وقالت فلانة لحظة وومضة من تاريخ طويل تمسح دون حق لوحات كبيرة لمدينة عظيمة كانت اول من واجه الاستعمار او بمعنى ادق من الاوائل الذين تصدوا لمستعمر ، للمدينة جغرافية صعبة محصنة من ّذاتها بتلال صلبة وقاسية من دخلها مسلما فهو امن كان له السكون والغنى ومن اراد الحرب مات على تلالها في الداخل قعر يسكنه ، مسالمين يقضون أوقاتهم في التجول احيانا باهداف خبيثة احيانا بحسن نية وكثيرا بلا هدف في عماراتها ودورها وحدائقها وواديها ابن موسى يقبع الناس تباعا في المقاهي وتتجول النساء بين القيساريات الرجال يعرفون تفاصيل الحياة الاقتصادية واخبار العالم من امريكا الى توترات الشرق الاوسط لكن حين يعرجون على اوضاع مدينتهم يتنهدون ويطرزون المستقبل الماضي اما نسوتها(امهاتنا بناتنا اخواتنا) فيبدو انهم اكثر واقعية يعرفون كل مستحضرات التجميل ويستقطبون خلسة عدة نساء زائرات من مدن كبيرة لاقتناء ملابس او انواع حلي الذهب تمر العملية من خلال الفاسبوك ووسائل التواصل والرجال لايعلمون هذا يكتفون باخبار ترامب وبايدن ويتنهدون على فترة الوزير او بعضهم يحملونه مسؤولية كل مصائب المدينة من فشل المجالس وتقهقر النهضىة الى انقطاع الماء والتحولات المناخية ايضا .
جيل شاب جديد لا يختلف كثيرا عن البيضاويين في بعض الاحيان نراهم اكثر اهتماما بمظهرهم ،متحررين لاقصى درجة يعتزون بمدينتهم بنخرطون بحماس بابداع لوحات جميلة على منصات التواصل الاجتماعي اغرت عدة شباب لزيارتها ،بينما تفضل النخب والرجال المقطبي الحاجب الجديين والمسؤولين بالتلصصل حينا في الشارع يرشفون القهوة والشاي ويتنهدون على الماضي الذي هو بالمناسبة مستقبل في ماضي محدد اكتنفه طمس الملاح والسويقة والحفرة وتدمير ترات مادي وايضا لا مادي ، مدينة أحبها السلطان مولى اسماعيل، فما بعد اصبحت بلا معالم هرب سكانها الى مدن اخرى . قيل عن المدينة انها كانت حالمة لواء مولاي عبد الحفيظ ضد مولاي عبد العزيز الذي صدق الغرب.فإن كانت فاس ومراكش بايعت مولاي عبد الحفيظ ففي سطات كان الانحياز ثمنه دم السطاتيين .
للمدينة معالم بعضها طمس اثر تغبيرات الجيولوجية تلزم بحثا اريكولوجيا ما ،وفقوقها ضاعت ذاكرة بقية القصبة الاسماعلية مركونة حتى منظرها ظل محشورا بين عمارات بلا معنى ، فعوض ان تكون متسيدة كفضاء بهي حشرت في الزاوية وحتى من وراءها تتسرب لك اليائس هكذا . فلاالتاريخ مفيد ولا حاضر يفتح الامل والمستقبل ماضي قسري ولا احد يتكلم ،نواصل المشي بلا هدف عيون الناس لم تفارقها مسحة المبهم وعبوس الحزن . لكن متى نرى وجهنا في المراة .
ان هذا الحكي يستدعي ان نعيد تشكيل ملامح مدينة معتزة بنفسها فهذه القبائل استدعى جمعها على يد مولاي اسماعيل ، نتوقف في طوبنيم سطات لربما تحوير لزطاط اي هؤلاء الشجعان من القبائل الذين يصاحبون القوافل لتمر في امان . فبدأت حركة التجارة حيث استوطنها عدد من سكان القبائل فضلا عن تجار من فاس وتطوان وعدد كبير من اليهود سواء من محيط القبائل (الشاوية ) او من باقي المغرب . هذه المدينة التي يجب ان تكتب ذاكرتها بدقة حتى قاطنيها ملامحها وتنوعها الفريد . هذا قبل الدخول الفرنسي .
لهذا حفر الذاكرة واعادة ترتيب الاحداث ليس من اجل المحكيات واستجلاب النوادر بقدر الوقوف على مميزات مدينة قاومت الجنرال الدموي داماند [1]،وكان الثمن ذبح اطفالها ونساءها بالعيد الكبير .
تقول هذه الابيات الشعرية :
يومك ياسطات ما نحرنا ما عيدنا
نهار فم الدير تامن عريوات شبعو بغرير
ملي دخلو الكفار دخلو لولاد سعيد
البوعزاوي[2] مسكين وحدو هارب بالدين
عادوا يمشوا لعدو محلا بمحلا
سكن في البهحة سكن في قبت خضرا
ماريدو [3]مسجونين البريوطة هلكتهم [4]
__________________________
[1] الجنرال الذي عوض دورو يوم قصفت بارجة غاليلي الدارالبيضاء وقرر ان يدهب لمعاقل المقاومة وضربها واهمها سطات ومزاب والعشاش، نعت الدموي جاء توصيفا من الاشتراكي الفرنسي جان جوريس الذي عارض التدخل العسكري بالشاوية .
احد قادة الانتفاضة بالدارالبيضاء 1907 ابن المدينة ودفن فيها وهو الشيخ محمد بن الطيب الشاوي توفي في مراكش عام 1332/1914 صوفي مجاهد قاوم الاحتلال الفرنسي للشاوية [2]
القصد مريدوه ( الزاوية البعزاوية فخر سطات لليوم )[3]
احمد زيادي كتاب إنتفاضة الشاوية م1907[4]
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=4348
Lamia changuitiمنذ 4 سنوات
كل الفخر و التقدير