القاعدة القانونية عامة ومجردة. هذه من اولى الاساسيات التي يتم تلقينها لطلبة القانون في مختلف دول العالم.
ان مبدأ العمومية يفترض ان النص القانوني يتم تطبيقه على الكل ، والفصل السادس من الدستور المغربي الجديد نص بشكل صريح على ان الاشخاص الذاتيين والاعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون امام القانون وملزمون بالامتثال له.
اما التجرد، فهو مبدأ تأسس على تجريد النص القانوني من كل ما قد يشوب تأويله حسب المزاج من تداخلات واعتبارات مختلفة من العاطفة الى المصلحة الخاصة. وهنا نستحضرالقصيدة الشعرية للاستاذ الطيب العباسي قاض بالمحكمة العليا بالسودان بعنوان “لقيطة” حيث صرح انه حكم على المتهمة بخمس سنوات كقاض، ولكنه كشاعر يبرؤها.. وهي القصيدة التي تبرز بجلاء التجرد في القاعدة القانونية وتطبيقها في توازن مع فلسفة روح القانون ..
كل ما سيق يؤكد على تفعيل القانون بشكل موضوعي يحترم خصوصياته ومميزاته لتحقيق التنمية الترابية المنشودة. عندما نتكلم عن التنمية الترابية فاننا في حقل الجماعة الترابية بامتياز. من هنا نستحضر مذكرة السيد وزير الداخلية التي طلبت من السادة الولاة والعمال العمل على تفعيل احترام مقتضيات القوانين التنظيمية للجماعات الترابية خصوصا فيما يتعلق بتنازع المصالح.
عمالة اقليم سطات قامت بدراسة كافة الحالات بعد التحري عنها، ومن المفروض مراسلة فيما بعد كل المعنيين لسلك المسطرة القانونية للعزل عن طريق المحكمة الادارية صاحبة الاختصاص. فالفصل القانوني يشير الى ان للقضاء الاداري فقط اختصاص البث في هذه المنازعات، غير انه من صلاحيات العامل او من ينوب عنه تفعيل المسطرة القضائية. هنا الكلام عن مؤسسة العامل لما تحمله من مسؤوليات واختصاصات تنبثق عن اعمال مختلف مصالح الدولة التابعة له ترابيا. فالعامل ممثل الدولة بالاقليم وهمه الاساسي تنزيل مصلحة الدولة العليا. امر دفعنا لنتسائل بجدية عن جدوى عدم تفعيل مسطرة تنازع المصالح في جماعة بن احمد مثلا.
فحسب المقال الافتتاحي لثلاثة مستشارين بجماعة بن احمد للمحكمة الادارية بالبيضاء ضد العامل، فان رئيس جماعة بن احمد ومستشارين اثنين آخرين تربطهم بجماعة بن احمد مصلحة كراء عقارات. فدائما حسب المقال الافتتاحي المتضمن للوثائق المرفقة، فان الرئيس قام بكراء دكان في ملكية الجماعة لابيه، وكراء عقار اخر لشركة مملوكة للمستشارين!!!!
وضعية تطرح علامات استفهام عديدة وخطيرة ابرزها لماذا لم تسلك العمالة المسطرة القانونية مع هذه الحالة وكل الحالات المماثلة؟ وهل سلك هذه المسطرة يخضع لحسابات ومعايير خاصة بالانتماء الحزبي والحصانة؟؟؟
تساؤلات جعلت عدد من ممثلي الساكنة ” تحت رحمة السلطة المحلية” في تعارض صارخ مع روح الدستور والمفهوم المتجدد للسلطة الذي يعتبر مرجعا في التدبير الترابي التنموي!
من الوارد ان تكون خلافات بين السلطات المنتخبة والمحلية، لكن اساس الاختلاف وهدفه يجب ان يكون تحقيق التنمية وفق المصالح السامية للدولة المغربية، وفي احترام تام للادوار والمؤسسات. فالمنتخب يمثل الساكنة من خلال اطار حزبي، والادارة الترابية لها دور في احترام القوانين والمساطير في تكامل وتناغم واخذ نفس المسافة مع كل الاطراف السياسية والحزبية.
ان المفهوم المتجدد للسلطة ينبني على اساس خلق دينامية ترابية تنموية مرتكزة على خدمة كافة المواطنات والمواطنين، من خلال العمل على جلب الاستثمارات وفرص الشغل وتحفيز الاقتصاد المحلي وتنزيل تسويق ترابي متكامل مرتكز على مقومات وخصوصا المجال الترابي لنفوذ العمالة، فلهذا الغرض عرفت بلادنا ثورة تشريعية بتوجيهات ملكية سامية ترمي لتسهيل الاستثمار بتوسيع صلاحيات العامل والوالي في هذا الباب. فرجل السلطة الحقيقي هو رجل تنمية التراب من خلال تسهيل العقبات و تعبيد الطرق لخلق فرص الشغل وتحقيق التنمية المستدامة داخل ترابه، في تناغم وتكامل مع الجماعات الترابية والادارات الاخرى كل داخل مجال اختصاصاته. امور قد تتيه في غيابات الحسابات السياسوية او الحزبوية او غيرهما..! والله أعلم
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=7934