تحقيق: عين على إقليم بنسليمان من الداخل

هيئة التحرير
2020-07-12T17:10:49+01:00
إعلانات قضائية
هيئة التحرير26 ديسمبر 2015آخر تحديث : الأحد 12 يوليو 2020 - 5:10 مساءً
تحقيق: عين على إقليم بنسليمان من الداخل

 على مساحة 2400كلمتر مربع، وتشكل الغابة ربعها، أي 600كلمتر مربع، وحسب أخر إحصاء للسكان يبلغ تعداد ساكنة إقليم بنسليمان 233.123 ألف نسمة 49 في المائة منهم يستقرون بثلاث جماعات حضرية ” بنسليمان ،المنصورية، بوزنيقة” والباقي يتوزع على 12 جماعة قروية، ويحد إقليم بنسليمان شمالا الرباط والصخيرات تمارة، وجنوبا برشيد وشرقا الخميسات وغربا الدارالبيضاء وبالتالي يتموقع بين قطبين حضاريين هامين الرباط كقطب إداري والبيضاء كقطب اقتصادي وصناعي، وإن كانت أهمية هذا الموقع لا يتجلى في أي من مظاهر الإقليم لا شكلا ولا مضمونا، وبالتالي لا تبدو أية استفادة تذكر من هذا التواجد بين القطبين!؟ وإن كان الإقليم مقبل على أن يصبح جزءا من القطب الاقتصادي والصناعي البيضاء وفق التقسيم الجهوي الموسع أو المتقدم.

أحدث إقليم بنسليمان كعمالة بمقتضى المرسوم الملكي رقم 77.2 605 بتاريخ 19 يوليوز 31977 . ويتميز بتنوع بنيته القبلية فهو يتألف من ست قبائل رئيسية،”الزيايدة” ينحدرون في الأصل من صنهاجة،”أولاد زيان” ينحدرون من بني هلال ، “المذاكرة” ينحدرون من قبيلتي المعاقيل وهوارة، “الأعراب” من قبيلة بني هلال ،”زعير” من قبيلة المعاقيل إضافة إلى قبائل زناتة.

قبائل متنوعة خلقت بالضرورة تنوعا ثقافيا، وفسيفساء من العادات والتقاليد، وإن توحدت كلها واتفقت في الاشتغال بالفلاحة، وركوب الخيل من خلال الفروسية التقليدية التي كانت ولا تزال تقام لها وبها المواسم والمهرجانات .

ماهي هوية الإقليم حاليا، خاصة مند تسميته منذ 38 سنة؟؟

إن واقع الحال يؤشر على أنه لم يتم بعد الحسم في هوية الإقليم، أو لم يتم بعد الحسم في قاطرة التنمية به، أهي الفلاح، أو الصناعة، أم السياحة، أو على الأقل لم تنجح بعد أو لم تتضح بعد مؤشرات نجاح أي مبادرة حقيقة في مسعى المسؤولين إن كان هناك مسعى فعلي لتحديد هوية الإقليم من حيث النتائج المباشرة على الساكنة لأن غالبية ما يطرح لا يتجاوز حرفي “س” و”سوف” .

المعطى الجغرافي والجيولوجي للإقليم.

يتميز الجانب الجيولوجي للإقليم بتنوع مكوناته من سهول وهضاب متعددة الأشكال تتخللها مساحة هامة من الغابة، بحيث كلما اقتربنا من الساحل الأطلسي بوزنيقة والمنصورية ومحيطهما إلا وواجهنا الانبساط ذا التربة الرملية التي تكتفي بقدر بسيط من الأمطار ما يؤهلها لإنتاجية فلاحية جيدة، وكلما ابتعدنا عن الساحل في اتجاه الداخل، بعشرين كيلمترا، تنتصب الهضاب، وتتبدل التربة، لتصبح من نوع “الترس” و” الحمري” ذات اللون الأحمر والأسود، وعمقها في الأرض لا يتعدى40سنتمتر، ورغم أنها غير متصلة إذ تتخللها تركيبات أخرى إلا أنها مع ذلك فهي خصبة معطاء إذا توفرت لها الكميات الكافية من الأمطار، وفي هذا السياق وبالنظر للمياه الجوفية، فإن الإقليم في جوف منطقته الجنوبية الغربية مياه وادي النفيفيخ، ووادي المالح والسد الصغير، وبالتالي فإن عمق الطبقة المائية الجوفية تقع مابين 20و45 متر، على أن البنية الجغرافية للإقليم يمكن تقسيمها إلى ثلاثة مناطق، المنطقة الزراعية وهي امتداد لسهول الشاوية وتتميز بإنتاج القمح والشعير والقطنيات وبتربية الماشية، والمنطقة السقوية وهي الشريط الساحلي الممتد من واد الشراط شمالا على واد النفيفيخ جنوبا، وثالثا المنطقة الغابوية، وهي عبارة عن قشرة سطحية رقيقة التربة حرشاء لا تناسب الزراعة وهي منتشرة بالناحية الشمالية الغربية من بنسليمان وتحتل 25 في المائة من مساحة الإقليم، ويغلب على تركيبتها الشجرية شجر البلوط الفليني، وينظمها قانون 20شتنبر1976 والرامي إلى تنظيم عملية تدخل الساكنة في تنمية الثروة الغابوية.

وعلى عكس ما يذهبه الكثيرون من اختزال الغابة في كثافة الأشجار، فإن الغابة بإقليم بنسليمان تتميز بالإضافة إلى كثافة وتنوع أشجارها” البلوط الفليني، والعرعار البري الأكاليبتوس،الأكاصيا، والبلوط الأخضر، والعرعار، والصنوبريات فإنها تحتضن أيضا أنواعا كثيرة ومتنوعة من الوحيش والطيور المختلفة المحلية والمهاجرة، منها 13 نوعا نادرا على رأسها الدراج ذو الظفرين الذي تم رأيته حسب بعض المصادر قبل سنوات بإحدى جهات الغابة! إضافة إلى هذا هناك أنواع مختلفة من النباتات التي ينذر وجودها في كثير من الغابات سواء على المستوى الوطني أو الدولي.

ومنها ما هو مرتبط بالضايات أحد مكونات الغابة والتي تشكل 2في المائة من مساحة الإقليم، فإذا سكان “العدوتين” وما جاورهما يطير تفكيرهم وذاكرتهم عند الحديث عن الضايات، إلى ضاية “عوى” وضاية “الرومي” فإن غابة بنسليمان تحتضن عددا كبيرا من الضايات المختلفة الأحجام، والمساحات، والعمق والحقينة المائية، ضايات يفوق عددها 200ضاية، وإن كانت لا تشهد اهتماما كبيرا بها إلا من طرف القلة القليلة من السكان وكذا جمعية أوجمعيتين تركزان نشاطاتهما بالأساس على البيئة بكافة تمظهراتها وتجلياتها. من بين أهم ضايات بنسليمان ضاية “بخوش” وتمتد في أوج امتلائها بالأمطار على مساحة40هكتار،وهي على موعد سنوي مع الطيور المهاجرة التي تجد فيها ضالتها في الطعام والشراب، وضاية صخرة النمرة وتمتد أيضا عند وفرة التساقطات على مساحة20هكتار، وضاية الكريمة وتمتد على مساحة5هكتارات، وضاية دوار العيون، على مساحة 5هكتارات، إضافة إلى ضايات “الترب، وميلحة..” وتلعب هذه الضايات دورا إيكولوجيا مهما، فهي محيى للعديد من الكائنات الحية من حشرات وقشريات وبرمائيات ورخويات، وديدان، وطحالب، ونباتات زهرية، تعيش لذاتها أو تساهم في حفظ التنوع من خلال كونها تدخل في إطار سلسلة غذائية محكمة التنوع، لفائدة طيور وحيوانات متنوعة يشدها للعيش تنوع الغابة، علاوة على أن الضايات تشكل موردا مائيا لكافة الكائنات الحية بالغابة، وتضمن بقاء الرطوبة لمدة أطول كما أنها “الضاية” وسط يساعد على نمو أنواع نباتية نادرة وأخرى مهددة بالانقراض، زهرية وطبية، منها ما ينمو مع وجود مائها ومنها ما ينمو ويعيش بعد جفاف مائها، وحسب بعض الدراسات التي تناولت غابة بنسليمان وبخاصة ضياتها، بالدراسة والتحليل فإن 9أنواع نباتية من ضايات بنسليمان تبين أنه فقط30في المائة موجود بالمعمورة، و20في المائة بضايات الحوز،ولعل أهم هذه النباتات والأكثر ندرة “ليبيانوديفلورا”،و”ليتروم تيموفوليا”…

شواطئ الإقليم جودة المياه والرمال والساحل..

ثلاث مكونات أساسية بالإقليم تشكل، وتتقاسم الساحل الممتد على طول 35 كيلومتر، جماعة شراط القروية، الجماعة الحضرية بوزنيقة، الجماعة الحضرية المنصورية، ثروة مائية مهمة ورمال جيدة، وساحل طويل، لكن ليس عريضا بسبب المباني التي تحتل الزمان والمكان، قريبا جدا من زبد ورمال الشاطئ. إذن، إن القادم من مدينة الرباط عبر الطريق الساحلية، أول شاطئ تابع لإقليم بنسليمان يستقبله هو شاطئ شراط، الذي أهم ما يجدب المرء إليه هو امتداده في أرض مفتوحة بدأت تشهد حركية عمرانية لكن ليس واضحا هل هي معزولة، أم تتم وفق معايير التعمير المطلوبة، حتى لاتجد جماعة الشراط نفسها محتلة الشريط الساحلي، ثم شواطئ بلدية بوزنيقة، كشاطئ بودربالة، وشاطئ بوزنيقة الشمالي الممتد على مسافة 3كيلومترات، ومياهه مصنفة ضمن الخانة “أ” وشاطئ الداهومي جنوب مدينة بوزنيقة الشبيه بمدينة قندهار، ويمتد على مساحة2.5 كيلومتر، ثم شواطئ بلدية المنصورية، منها شاطئ المنصورية المعروف “ميموزا”، وشاطئ المحيط الأزرق ، وشاطئ الصنوبر المعروف”دافيد”. مشكلة شواطئ الإقليم مجتمعة تم التعامل معها منذ زمان على اعتبار أنها مناطق هامشية ذات طبيعة قروية لا تسترعي اهتمام الساكنة، فالمنصورية ظلت لفترة طويلة عبارة عن منطقة هامشية لمدينة المحمدية، وبوزنيقة ظلت مهمشة لفترة طويلة عندما كانت واحدة من مناطق مدينة الصخيرات التابعة ترابيا لعمالة الرباط.

وانظمت مدينة بوزنيقة وشواطئها لإقليم بنسليمان وهي بعد قيادة بمقتضى المرسوم الملكي رقم 605.77.2 بتاريخ 19يوليوز1977 ورغم كونها لم تكن سوى قيادة إلا أن اسمها اطبق على أرجاء المعمور، شهرتها كانت مندلعة كما تندلع النار في الهشيم، حيث كان غالبية المسافرين في الاتجاهين شمالا وجنوبا من المملكة، من سائقي الشاحنات الكبيرة، وحافلات النقل العمومي ونقل البضائع، يضبطون ساعتهم الغذائية و العشائية على محلات الشواء واللحم المفروم والمشوي، والريوس لمبخرة، التي كانت تعرضها محلات الشواء المنتصبة على طول شارع بوزنيقة أو “زنيقة”

ولعل تجليات عدم التعامل بالكيفية المطلوبة مع شواطئ الإقليم كما سلف ذكره، الإستلاء على الأراضي الشاطئية المسترجعة سنة 1964، وإنشاء بناءات إسمنتية حفظها وسجلها النافذون من أبناء وطني في غفلة من القانون. وفرضوا أمرا واقعا لا يمكن تغييره، ما غرز السكين في كل حلم بخلق كورنيش حقيقي على طول شاطئ بوزنيقة وباقي شواطئ الإقليم.

كان بالإمكان أن يصبح إقليم بنسليمان مند تسميته يوم 19يوليوز1977 متنفسا ليس فقط لساكنة الجوار كما دأب عدد من المسؤولين تشنيف مسامع ساكنة بنسليمان به ، ما جعل هؤلاء يتساءلون، عن السر وراء تزاحمهم “أي المسؤولين” وتنافسهم، في الانشغال بحالة الضيق والضجر، التي يعيشها ساكنة الرباط والبيضاء “مساكن” والتفكير لهم فيما ينفس عنهم، خلال العطل، ونهاية الأسبوع، بذل التفكير فيما يضجر الإقليم وساكنته من خلال جعله متنفسا للاقتصاد وجلب استثمارات الدار البيضاء الكبرى، بتعزيزه ببنيات داعمة، لامتدت المصانع والشركات، بفروعها إلى الإقليم، ولو لم يتم التعامل مع تجنيب الإقليم الصناعات الملوثة، بشكل جدري مند سنة 1986، وتحويل بعض الاستثمارات ولو أنها غير ملوثة للبيئة لمدن أخرى، لكان إقليم بنسليمان نال حظه ونصيبه من المشاريع الاقتصادية الكبرى المدرة للثروة والشغل، ورغم أن عامل إقليم بنسليمان في عرضه الذي قدمه بمناسبة الملتقى الجهوي ليوم السبت 12 ديسمبر الجاري تحدث عن 68 وحدة صناعية بالإقليم مندرجة في إطار استثمار 223 مليون درهم سنة 2014 لكن دون تحديد ماهيتها، هل هي كائنة،أم في إطار “س”أو “سوف” لأنه تم الحديث عن 19 وحدة، صناعة غذائية، تشغل أو ستشغل 493 مستخدم، و24 وحدة صناعة كيميائية وشبه كيميائية 1056 مستخدم، 5وحدات صناعة كهربائية وإلكترونية 1214 مستخدم،18 وحدة صناعة ميكانيكية تعدينية تشغل 697، وحدتي نسيج وجلد 74 مستخدم، وكلها مجتمعة توفر 3540 منصب شغل.

على أن غالبية ساكنة مدينة بنسليمان لا تعشش في دماغهم سوى المنطقة الصناعية، الحلم السليماني الذي أنام الجميع وغدر بالجميع ، حلم “كابوس ” دخلته الساكنة سنة 2006 ولم تستفق منه بعد ذلك أن ما كان ينبغي أن يكون 192 وحدة صناعية منتجة فعليا بالمنطقة المشار إليها أعلاه قياسا لعدد البقع المتوفرة، لا تزال الغالبية العظمى إلى يومنا هذا عبارة عن هياكل إسمنتية كما في الصورة، أما المنتجة فعليا فتعد على رؤوس الأصابع.

فعلى اعتبار أن الصناعة حلم لم تستفق منه الساكنة بعد ، وعلى اعتبار أن الفلاحة لم تتجاوز مراحل الكفاف، وانتظار أن تجود السماء بالأمطار.. . يبقى الحديث وإعادة الحديث عن أن قدر بنسليمان التنموي قد يرتبط، بل يجب أن يرتبط بقطاع السياحة إذ يكفي فقط استثمار المؤهلات الطبيعية ” الشريط الساحلي، وضفاف بحيرتي سدي واد المالح وظهر العصمة. والإيكولوجية.. 57 ألف هكتار والجغرافية ..من خلال تثمين مخزونه الصخري الذي يستنزفه 41 مقلعا ويقتل بيئة جواره..ولا أثر إيجابي لهذا الكم الهائل من المقالع على الإقليم وساكنة الإقليم؟؟؟

الأكيد هو أن هذه الموارد المتحدث عنها حاليا، ليس وليدة اليوم، فهي موجودة على الأقل منذ تسمية الإقليم “1977” وكم من ندوات رسمية ، وغير رسمية، حضرها وزراء ومستثمرون، واقتصاديون، ونافذون، أتت بالحديث، والتحليل، والنقاش العميق، عن هذه الإمكانات الطبيعية التي يزخر بها الإقليم، وكيفية استثمارها؟؟

حديث يترك المجال لنفس الأحاديث، حتى أصبحت ساكنة بنسليمان كما لو أنها تستمع لأسطوانة معطوبة، عن استثمار الموارد الطبيعية الهائلة التي يتوفر عليها الإقليم ليكون قبلة سياحية .

وكم هو عدد الحكومات التي تعاقبت على البلاد والعباد منذ سنة 1977 تاريخ ارتقاء بنسليمان إلى مستوى إقليم، ولا واحدة من هذه الحكومات انتبهت في عز الأزمات المالية التي مر منها المغرب، انتبهت لهذه الإمكانات والمؤهلات التي من المفروض أن تجعل إقليم بنسليمان مؤهلا ليكون واجهة سياحية تثري المملكة، كما تثري ساكنة الإقليم… ثم كيف لهذا الكم الهائل من الموارد الطبيعية، والمؤهلات الممكن من خلالها خلق منتوج سياحي مغر وجاذب، ولم تجذب أي وزير سياحة، ولا أية حكومة لخلق مندوبية السياحة بالإقليم؟؟؟؟ 

عذراً التعليقات مغلقة