في عمالة سطات، وتحديدًا داخل قسم الشؤون القروية، تتحول الإدارة من فضاء لخدمة المواطن إلى سوق مفتوح للبيع والشراء في الوثائق الإدارية،المصلحة المكلفة بتسليم الشواهد الإدارية المتعلقة باستمرار التملك صارت عنوانًا للعبث والابتزاز، حيث لا يُقبل ملف إلا بعد أن “يُعطى الصَّنك”، كما يقولها الموظفون دون خجل بقيادات الاقليم.
“واش صَنّكت عليه؟”
جملة تتكرر في مكاتب القيادات والمصالح القروية وكأنها إجراء إداري رسمي،ملفات كاملة، قانونية، مرفقة بجميع الوثائق المطلوبة، تتعفن فوق الرفوف لأشهر طويلة، بل بعضها تجاوز السنة دون توقيع أو سبب إداري واضح،والسبب الوحيد الذي يعرفه الجميع هو “الجزية” الغير المعلنة،من لا يدفع، يبقى ملفه رهينة الرفوف، ومن “يَفهم راسو”، تمرّ معاملته في لمح البصر.
الفضيحة لا تتوقف عند موظفين صغار فقط، بل تمتد إلى مسؤولين في القسم يتعاملون بمنطق “مول الشي”؛ وكأن المكاتب ملك خاص، والمواطن مجرد زائر مزعج يطلب ما لا يستحق،وكل من يجرؤ على السؤال عن مصير ملفه يسمع الجواب نفسه “راك ما صَنّكتش عليه”.
هكذا يُختصر القانون في كلمة، وتُختزل كرامة المواطن في “ابتسامة مفهومة” أو ورقة مالية مخفية تحت الطاولة،لا وجود لشفافية، ولا آجال قانونية، ولا مراقبة حقيقية.
قسم الشؤون القروية بعمالة سطات أصبح نموذجًا مصغرًا للإدارة التي تُهين الناس باسم القانون، وتنهبهم باسم الإجراءات.
المواطنون البسطاء القادمين من القرى والمناطق الهامشية هم أول الضحايا، ينتظرون شهورًا لتسوية وضعية أرض أو إرث بسيط، بينما يتفرج المسؤولون على معاناتهم ببرود تام.
اليوم، السؤال الذي يطرحه الشارع بحدة:
إلى متى سيبقى هذا القسم فوق القانون؟
وأين عامل الإقليم من كل ما يحدث؟
لأن ما يجري داخل المصلحة القروية بسطات لم يعد مجرد “بطء إداري”، بل نظام متكامل للابتزاز، يشتغل بصمت، ويتغذى على خوف الناس وصبرهم.
وحتى إشعار آخر، تبقى القاعدة الوحيدة السارية هناك:
“اللي ما صَنّكش، راه مازال العام طويل”