سطات ، ارخبيل من المعاناة يزيدها قطع مفرط للماء

تعيش المملكة المغربية منذ سنتين أو ثلاث على إيقاع قلة التساقطات المطرية وندرة المياه في السدود مع قلة الثلوج أن لم نقل انعدامها، ومخلفاتها على الفرشة المائية. وضعية استدعت الترشيد الأقصى للماء. هذه المادة الحيوية التي حسب دراسة أنجزتها المندوبية السامية للتخطيط فإن القطاع الفلاحي يعتبر الأكثر استهلاكا للذهب الأزرق بحوالي 9 مليار متر مكعب، أي ما يمثل 87 في المائة من اجمالي الماء المستهلك، في حين أن قطاع الصناعة والخدمات لا يتجاوز 2 في المائة. نفس الدراسة أكدت أنه في المرتبة الثانية بعد الفلاحة، نجد الإدارات العمومية وقطاعا التربية الوطنية والصحة بنسبة 5 في المائة، فيما قطاع البناء والاشغال العمومية 2 في المائة، ثم التجارة والكهرباء والفنادق والمطاعم 1 في المائة لكل قطاع. دراسة يجب أن يعتمد عليها كل مدبر للشأن العام، إضافة لدراسات أخرى، قبل اتخاذ قرارات تسابقية «للتلميع.

في إقليم سطات، تم اتخاذ مجموعة من التدابير الاحترازية ولو متأخرة. غير أن ما يمكن ملاحظته بالاقليم هو التفعيل الغير المنتظم للتدابير، على سبيل المثال تم توقيف الحمامات ومحلات غسل السيارات أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء من كل أسبوع دون مراعات الكلفة الاجتماعية والاقتصادية لهذا القرار على العاملات والعاملين في هذه المرافق والتي تعاني أصلا هشاشة، إضافة لحملة لا نعرف تسميتها شملت قطاعي الصناعة والفلاحة؟؟ فحسب معلومات متواترة حصلت عليها اخبار سطات من مصادر مختلفة، فان السلطات الإقليمية شرعت في سحب المضخات من بعض الضيعات الفلاحية دون غيرها، وهو الامر الذي من المنطقي أن يهم كل تراب الإقليم ولزراعات محددة في تنسيق مع السلطات الفلاحية لضمان أمن غذائي للمواطنين.

اجتهاد المسؤولين بسطات دفعهم لاتخاذ قرار يتمثل بقطع الماء على سطات طيلة اليوم منذ الثلاثاء 7 فبراير مع السماح بالتزود بهذه المادة من الثامنة صباحا إلى الواحدة زوالا ابتداء من اليوم الخميس. مع تسريبات تفيد بتقليص هذه المدة في مرحلة قادمة إلى ثلاث ساعات من الماء في اليوم فقط؟

هذه الخطوة التي تم اعتمادها بسطات دون باقي مدن المملكة في ضرب صارخ لمقتضيات الدستور والخطب الملكية السامية. فالفصل 40 من الدستور تؤكد أنه “على الجميع أن يتحمل، بصفة تضامنية، وبشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها، التكاليف التي تتطلبها تنمية البلاد، وكذا تلك الناتجة عن الأعباء الناجمة عن الآفات والكوارث الطبيعية التي تصيب البلاد.” جعلت الساكنة تتسائل عن سر قطع الماء بمدينة سطات فقط بالمقارنة مع جيرانهم ببرشيد وخريبكة والدارالبيضاء وبن جرير وكل مدن المملكة المغربية التي لم تعتمد هذا الاجراء الغير مسبوق؟ تزويد المدينة بالماء من الثامنة صباحا إلى الواحدة يطرح كذلك تساؤلات عن العبقرية الثاقبة للمسؤول الذي اختار هذا التوقيت؟ فكيف لتلاميذ صغار يبدؤون حصصهم المدرسية مع الثامنة والنصف، ويغادر جلهم منازلهم نصف ساعة قبل هذا الموعد، أي في الثامنة موعد استئناف التزود بالماء بضغط الطلب المرتفع الذي سيجعل الصبيب منخفض في بعض الاحياء إلى درجة الانقطاع في أحياء متواجدة في المرتفعات مثل مجمع الخير ومفتاح الخير وطريق بن أحمد؟ ويصل لمنزله مع موعد توقف التزويد بالماء؟ هل تم التفكير في الآثار الجانبية لهذا القرار الانفرادي الماس بكرامة ساكنة المدينة، آثار صحية وبيئية على الساكنة خصوصا الأطفال والمسنين.

القرارات الانفرادية لمسؤولي سطات تجانب بلاغات جلسات العمل التي ترأسها جلالة الملك محمد السادس، حيث تم الحث في الجلسة الخامسة ليوم 16 يناير الماضي على دعوته الصريحة للحكومة إلى “اعتماد تواصل شفاف ومنتظم تجاه المواطنين حول تطورات الوضعية المائية والتدابير الاستعجالية التي سيتم تفعيلها، مع تعزيز توعية العموم بأهمية الاقتصاد في استهلاك الماء ومحاربة جميع أشكال تبذير هذه المادة الحيوية واستخداماتها غير المسؤولة” . فمسؤولينا الترابيين المحترمين انتظروا لحين متم الشهر لتدشين سياسة تواصلية محتشمة ونحن نعيش في إقليم يضم سدود منها ثاني أكبر سد في المملكة، سد المسيرة الذي يزود أقاليم عديدة بالماء منها مراكش والقلعة والبيضاء… وهل يستثمر مسؤولو الإقليم الاحصائيات والدراسات المبنية على النتائج، فهل مثل هذا الاجراء في قطع الماء سيكون له آثارا حميدة أم عكسية؟ وهل تم ترشيد استعمال الماء من قبل الإدارات العمومية التي تعتبر الأكثر استهلاكا للماء؟ وهل قطع الماء يشمل فعلا كل المنازل والإدارات بالمدينة؟

أسئلة وغيرها يطرحها بحدة كل قاطني المدينة وتنتظر توضيحات من المسؤولين القابعين في مكاتبهم.

المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=8672