بمجرد تساقط قطرات قليلة من الغيث، وجدت مدينة برشيد نفسها مرة أخرى في مواجهة مشهد يتكرر بشكل مقلق: شوارع تحولت إلى برك مائية، حركة سير مشلولة، وبالوعات صرف صحي مختنقة تعجز عن استيعاب كميات محدودة من مياه الأمطار.
غير أن المشهد الأكثر إثارة للاستغراب، هو تلك البركة المائية الشاسعة التي تشكلت عند المدخل الشمالي للمدينة، في منظر بات يُشبه “بحيرة” حقيقية، لا ينقصها سوى الأسماك وبعض القوارب. وضع غير طبيعي، لكنه أصبح واقعا مفروضا على المدينة وساكنتها.
المفارقة أن هذه “البحيرة” المؤقتة تحولت إلى قبلة لبعض المواطنين لالتقاط الصور، وكأن الأمر يتعلق بمنظر سياحي، في حين أنها في العمق صورة فاضحة لاختلالات بنيوية مزمنة، وعنوان صارخ لمعاناة يومية تعيشها ساكنة برشيد.
هذه البرك المائية عرّت الواقع المؤلم الذي يواجهه المواطنون، من سائقي السيارات الذين يتخبطون في طرق غير صالحة للاستعمال، إلى أطفال حُرموا من أبسط حقوقهم في اللعب داخل فضاءات آمنة، بعدما تحولت أغلب الأزقة والساحات إلى مصائد مائية تهدد سلامتهم.
إن ما تعيشه برشيد اليوم ليس نتيجة أمطار غزيرة أو فيضانات استثنائية، بل نتيجة تراكم سنوات من سوء التدبير، وغياب رؤية حقيقية لمعالجة إشكالات التطهير السائل والبنية التحتية، رغم تعاقب المسؤولين، الجدد منهم والقدامى.
وأمام هذا الوضع، تعلو أصوات الساكنة مطالِبة بإنقاذ مدينة باتت توصف بالمنكوبة، بعدما ضاقت ذرعًا بمشاهد تُسيء إلى جماليتها وتكرس الإحساس بالإقصاء والتهميش.
فهل تتحرك الجهات المسؤولة قبل أن تتحول “بحيرات” برشيد المؤقتة إلى واقع دائم؟ أم أن المدينة ستظل تغرق مع كل قطرة مطر؟


















