الأمطار تعري الهشاشة وسقوط مباني تكشف اختلالات مساطر التعمير بالعالم القروي بالبروج …

akhbarsettat31 ديسمبر 2025آخر تحديث :
الأمطار تعري الهشاشة وسقوط مباني تكشف اختلالات مساطر التعمير بالعالم القروي بالبروج …
رشيد بنكرارة

استنفرت السلطات المحلية بدائرة البروج باقليم سطات، عدد من أعوانها لإحصاء المنازل التي تساقطت، أو تلك التي أصبحت آيلة للسقوط او اصيبت بتصدعات جراء الامطار الأخيرة التي عرفتها المنطقة بكل من جماعات اولاد بوعلي النواجة، اولاد فارس الحلة و مسكورة .

و قد علمت ” أخبار سطات ” ان هناك عدد من المباني التي تساقط جزء منها او جنباتها دون تسجيل خسائر في الأرواح بسبب الاجراءات الاحترازية التي قام بها اصحابها بعد تعميم النشرات الانذارية الخاصة بالتقلبات المناخية، و هناك مسالك وقناطر جرفتها سيول الأمطار وعرت عن هشاشة البنيات التحتية ادت الى تدخل السلطات لفك العزلة كما وقع بجماعة القراقرة .

الحوادث المتكررة لانهيار المنازل، بالعالم القروي خاصة خلال فترات التساقطات المطرية الغزيرة، تكشف عن هشاشة البنايات وضعف معايير السلامة المعتمدة في تشييدها. ورغم أن العوامل الطبيعية تبدو في الظاهر السبب المباشر لهذه الانهيارات، إلا أنها تظهر وجود عوائق بنيوية وقانونية، في مقدمتها تعقيد مساطر الحصول على رخص البناء والاصلاح في الوسط القروي. و تطرح عدة استفهامات تساءل السلطات والقائمين على تدبير الشأن المحلي و خصوص في السياسات العمومية المتعلقة بالتعمير بالعالم القروي.

فمساطر الترخيص، التي تتسم في كثير من الأحيان بالتباطؤ لشهور ، والتعقيد، وتعدد المتدخلين، تدفع عدداً كبيراً من سكان العالم القروي إلى البناء غير المرخص، دون احترام ضوابط الهندسة، أو معايير السلامة، أو شروط التكيف مع الخصوصيات المناخية والجيولوجية للمناطق القروية. ويُضاف إلى ذلك ضعف الولوج إلى المهندسين والتقنيين، وارتفاع كلفة الدراسات التقنية والتصاميم ، ما يجعل البناء يتم بوسائل تقليدية ومواد غير مقاومة للتساقطات والرطوبة.

كما أن تعقيد المساطر يحرم الدولة من ممارسة دورها الرقابي والاستباقي، إذ يؤدي البناء خارج الإطار القانوني إلى غياب المراقبة التقنية، وعدم إخضاع المباني لاختبارات الجودة والمثانة، مما يجعلها أكثر عرضة للانهيار عند أول اختبار طبيعي قوي، كالأمطار الغزيرة أو السيول و الفيضانات.

إن تساقط المنازل لا يمكن اعتباره مجرد نتيجة لكوارث طبيعية، بل هو في جزء كبير منه نتيجة اختلالات في السياسات العمومية المتعلقة بالتعمير القروي، حيث يصبح تعقيد الترخيص و عدم تسليم رخص الاشغال الصغرى بالعالم القروي عاملاً غير مباشر في تعريض حياة الناس للخطر. ومن هنا تبرز ضرورة تبسيط مساطر تراخيص البناء و الاصلاح في العالم القروي، مع ملاءمتها للواقع الاجتماعي والاقتصادي للسكان، وتعزيز المواكبة التقنية، كمدخل أساسي للحد من البناء غير الآمن، وضمان الحق في السكن اللائق، والوقاية من المخاطر الطبيعية.

الغريب في الأمر حسب ما توصلت به “اخبار سطات” من أنباء ، ان الحالات التي تم احصاءها وتفقد مبانيها تلقوا وعودا بالتدخل لدى الجماعات الترابية للحصول على تراخيص الإصلاح لتقويم ما تساقط من بنايات، فهل ستبقى مصالح السكان بالعالم القروي رهينة بحلول تدبير الأزمة؟ فمتى يتم التعامل بكرامة مع سكان هذه المناطق وتحمل المجالس المنتخبة لمسؤولياتها و الترافع لتسهيل وتبسيط المساطر و تسليم رخص الإصلاح و البناء ؟ و متى يتدخل عامل الاقليم للافراج عن ذلك الكم الهائل من طلبات الحصول على شواهد الاستغلال للعقارات الجماعية و الافراج عنها من رفوف مكاتب العمالة بالمصالح المعنية حتى يتسنى لاصحابها مباشرة المساطر. والتدخل لدى وكالة الحوض المائي ام الربيع ببني ملال للافراج عن رخص جلب الماء والحفر ، فما جدوى ارتباط الانسان بالعالم القروي إذا كان محروما من رخص الأشغال الصغرى والاصلاح و الحفر لجلب الماء ؟؟؟؟.

إن تعقيد مساطر رخص الإصلاح والبناء يساهم في تكريس البناء غير المرخص وتأجيل التدخل الوقائي، لكنه يعمل ضمن منظومة اختلالات أوسع.والمعالجة الناجعة لهذه الظاهرة تقتضي مقاربة شمولية، تجعل من تبسيط المساطر الإدارية مدخلاً أساسياً، إلى جانب الدعم المالي، والمواكبة التقنية، وتعزيز دور الجماعات الترابية في الوقاية وحماية الأرواح.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل