ليست فقط أسابيع قضتها ملايين العائلات بالعالم داخل الحجر الصحي بمنازلهم، هي ملايين المشاعر المتناقضة، تشكلت في وعي الناس في غفلة عنهم، بسبب الرعب القادم من قصاصات الاخبار حول زحم فيروس تم تقديمه بصورة الغازي الذي لا يرحم.
سطات قادت معركتها باقتدار، بالاعتماد على جنودها البواسل في المستشفى والشوارع والازقة والاحياء، وساكنتها قدمت ملحمة لن تنسى في الصبر والصمود، وتحدت كل شيء متسلحة بالثقة الكاملة في المؤسسات وفي إرادة الحياة.
تم تخفيف الحجر الصحي، واستعاد الإقليم جزء من ايقاعه، عانق عشرات الالاف من الأطفال من جديد حرية اللعب والركض والحيوية، وكأنهم يولدون من جديد، عوضت ملامح الارتياح النسبي لدى الإباء ملامح الفزع والقلق من المجهول رغم أن المعركة لم تنته، ورغم أن الفيروس لا يزال يترصد في الأبواب.
ليس من الضروري أن تكون طبيبا نفسانيا أو عالم اجتماع لكي تصل لخلاصة مؤداها أن أسابيع الحجر الصحي والقصف العشوائي بأخبار الإصابات خلق ندوبا عميقة في نفسية الصغار والكبار، ومعركة اليوم يجب أن تأخذ بعين الاعتبار اصلاح ما أفسدته موجة الرعب الجماعي “لكورونا”
العائلة بسطات كما في باقي دول العالم في حاجة ماسة الى تفريغ الشحنات السلبية التي تعرضت لها، في حاجة للفرح للاستجمام للترفيه ولاستعادة لحن الحياة، عبر بوابة الممكن في الفضاء العام، لا أحد يطلب صنع المستحيل من اللاشيئ، لكن تدبير الممكن في إطار المتاح.
المطلوب تأهيل بنية الاستقبال السياحي بالاقليم، الاعتناء بالغابة وبالفضاءات الخضراء، فتح المجال أمام الفضاءات السياحية للاستجمام والترفيه، أطفالنا هذه السنة محرومون من المخيمات الصيفية، عائلاتنا تقف متسمرة وهي تفكر في مياه البحر المنعشة بين مطرقة الازمة الاقتصادية وسندان الخوف من موجات الاختلاط الهستيري التي قد تخلقها هجرة جماعية لساكنة المدن الداخلية نحو المدن الساحلية.
بلادنا قطعت مع نظرية سجن المواطنين في المنازل في انتظار الذي قد يأتي وقد لا يأتي وتبنت مقاربة عقلانية لمواجهة الوباء بالتعايش المراقب والمتحكم فيه، وهو أمر يضع إقليم سطات أمام تحديين، الأول فرض احترام تدابير السلامة والوقاية الصحية من جهة، وفتح المجال أمام الأنشطة الاعتيادية من جهة ثانية.
ان الحاجة اليوم ملحة لفتح المسابح وفضاءات التنزه على قلتها، لأنها قد تشكل عاملا نفسيا مخففا لوطأة الازمة، خصوصا وأننا نلاحظ اليوم عشرات الزيارات لأودية بالاقليم لا تتوفر فيها شروط السلامة، لكنها تظل الخيار الوحيد امام العائلات من أجل الهروب من روتين وضغط الوباء.
الاتباع الصارم لتدابير وإجراءات السلامة الصحية أصبح اليوم أولوية الأولويات بالنسبة للجميع، ووضع تدابير خاصة للوقاية عنوان هذه المرحلة والتي يبدوا أنها ستطول أكتر من اللازم، وبالتالي فالمطلوب اليوم التأقلم السريع مع الوضع، وفك الحصار النفسي عن العائلات عبر تمكينها من منافذ نحو الاستجمام والترفيه.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=353
عذراً التعليقات مغلقة