لابد للمتتبع لدورات المجالس الجماعية سواء بمدينة سطات او بعدد من الجماعات بالاقليم، ان تستوقفه ظاهرة اولئك المنتخبون الذين يلودون الى صمت رهيب تطبيقا للحكمة الشهيرة “إذا كان الكلام من فضة فإن السكوت من ذهب”، حيث أن أغلب أعضاء المجالس يبلعون ألسنتهم بشكل غير مبرر و غير مفهوم، ويتسائل عدد من المتتبعين للشأن المحلي عن أسباب هذا الصمت من طرف عدد من المستشارين الجماعيين خلال أشغال دورات المجالس الجماعية، سواء المنتمين منهم إلى فرق الأغلبية أو المعارضة، حيث يظل هؤلاء جاثمين في أماكنهم طيلة الدورة دون الإدلاء بآرائهم أو الترافع عن قضايا الساكنة حول النقط والقضايا ذات الارتباط بالمعيش اليومي و المطروحة للنقاش لصناعة قرار عمومي محلي بشأنها، و بعضهم يقتصر حضورهم على رفع اليد والتصويت على قرارات المجلس، و قد اعتبر البعض ان الحضور بدون ترافع عن القضايا و خاصة المصيرية منها، كالغياب، سيان يعتبر خيانة للساكنة واستهتاراً بقضاياها وتملصاً من الواجب والدور الرقابي لممثل السكان لتقييم عمل المجلس الجماعي و تجويد قراراته، وبالتأكيد قد يكون من بين أولئك الصامتين من يملك القدرة على الخطابة والكلام ” المرتب”، ولكنهم يؤثرون الصمت، لأن التجربة علمتهم أن من يمسك لسانه تزداد فرص تقربه من اولياء نعمته، و البعض الآخر لا يفهم ما يدور خلال المداولات، إما لجهلهم بالقوانين المنظمة، أو جهلهم الدور الذي انتخبتهم الساكنة من أجله بشكل عام، و قادهم حظهم للفوز بمقعد هنا او هناك لأسباب قبلية او غيرها، و لعل المتتبعين الذين أسعفتهم الظروف لحضور أشغال دورات هذه المجالس منذ انتخابها مؤخرا، سيلاحظون تداعيات هذه الظاهرة التي تمتح من معين أبيات الشاعر معروف الروصافي :
يا قوم لا تتكّلموا إن الكلام محرَّمُ
ناموا ولا تستيقظوا ما فاز إلاّ النُوَّمُ
وتأخّروا عن كل ما يَقضي بأن تتقدّموا
ودَعُوا التفهُّم جانباً فالخير أن لا تَفهموا
وتَثّبتُّوا في جهلكم فالشرّ أن تتعلَموا
لا يستحق كرامة الا الأصم الأبكمُ
فهل ينتظر هؤلاء أن تفكر وزارة الداخلية في دورات تكوينية لفائدتهم و لفائدة رؤسائهم، حول فن الخطابة والكلام و خاصة أن هناك منهم من إذا تكلم لا يفرق بين نقطة نظام أو تدخل، صحيح أن التكوين رافعة أساسية لتطوير قدرات الفاعلين السياسيين وتجويد القرار العمومي المحلي، لكن المكر و الجهل و تغليب المصالح ينسف كل هذه المجهودات .
الصورة تعبيرية..
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=5705
