تحرير الملك العمومي بسطات، استنزاف للقوات العمومية ام “روتين دوري” شكلي؟

هيئة التحرير
2024-08-06T02:18:09+01:00
هنا سطات
هيئة التحرير1 أغسطس 2024آخر تحديث : الثلاثاء 6 أغسطس 2024 - 2:18 صباحًا
تحرير الملك العمومي بسطات، استنزاف للقوات العمومية ام “روتين دوري” شكلي؟

يعتبر تحرير الملك العمومي أكبر هاجس يقض مضجع كل المسؤولين الترابيين المحليين وغيرهم، في المغرب كما في معظم دول المعمور. فتقاسم الفضاء العمومي هو تتويج للتشبع المجتمعي بالديمقراطية وباحترام ادنى مقومات المواطنة من خلال تقاسم ديمقراطي سليم للمشترك، يماثله في الجانب الاخر الحق في كسب القوت اليومي والعيش الكريم. معادلة تسعى كل حكومات العالم لحلها والسهر على توازنها، من خلال تنظيم هذا الاحتلال تارة، ومن خلال فرض التحرير تارة اخرى. ففي اكبر العواصم والمدن في الدول المتقدمة، نجد مثلا تحديد أوقات لاستغلال الساحات الكبرى وتحويلها لاسواق وفضاءات لتجارة القرب تقدم خدمات للساكنة وتستفيد من هذا الفضاء في وقت جد محدد بثمن بخس لممارسة انشطتهم والحصول على عائد مالي يضمن لهم ادنى مقومات العيش الكريم ومعه مواطنتهم. استغلال يتم تنظيمه بقانون وبعائدات للجماعة ويسهر على تنظيم سيره اليومي الشرطة البلدية بتنسيق مع المصالحة ذات الصلة من مرافق صحية ونظافة وأمن ووقاية مدنية وغيرهم. هكذا يتم تحويل ساحة عمومية معينة لصبيحة أو أمسية قد تصل في اقصى الحالات ثلاث أنصاف ايام في الاسبوع.

IMG 1621 - اخبار سطات

بسطات عشنا على فترات خلال السنوات الاخيرة حملات لتحرير الملك العمومي لا يمكن لنا ان نقول عنها سوى “هدر للمال العام ولمجهودات القوات العمومية” فبعيد انتهاء هذه العمليات نجد الفضاءات التي تم تحريرها بمخاطرة في كثير من الاحيان من عناصر القوات العمومية من رجال أمن وقوات مساعدة، بالاضافة لرجال السلطة، تعود لاقبح من سابق عهدها؟ ما يجعلنا نتسائل بجدية عن مدى نجاعة هذه العملية، أم أنها مجرد روتين يسلكه سطات بعد ان عرف انطلاقا بالبيضاء ومدن أخرى. نحن هنا لا نبخس المجهودات ولكن نتسائل عن المسؤول الحقيقي وراء “تقويض” هذه المجازفات.

لكن كذلك علينا طرح تساؤلات جوهرية وعميقة عن جاهزية الاسواق الحالية في القيام بمهامها؟ نبدأ بالسوق البلدي الشعبي اشطيبة الذي كانت حوزته محررة من الاحتلال للملك العام، فكان مكان السوق هو داخل السوق، إلى أن تفاجأ ارباب السوق في صبيحة يوم من الايام في 2013 بتحول كل جنباته لسوق عشوائي واحتلال الشوارع والمرائب؟ نفس الامر يهم سوقي ميمونة ومبروكة؟ دون الحديث عن وضعية هده الاسواق وانعدام ادنى شروط الادمية فيها، فلا مرافق عمومية، ولا ممرات ولا سقيفة ولا أي شيء. فكما لو أننا في اسواق “عشوائية” أو أضحت كذلك. أما أسواق القرب الجديدة، فانه يجب محاسبة كل من سهر على عملية التوزيع فيها والتي جعلت “احتلال الملك العام بداخلها” امرا واقعا قلص من ممراتها ؟ أن كان هذا حال أحياء في وسط المدينة التي تعاني من هشاشة وفقر مرافقها التجارية، والتجارة مكون اساسي للتنمية، فكيف هو حال احياء لا تتوفر تصاميمها التي اشرفت عليها أطر من الجماعة والوكالة الحضرية والعمالة، على اي مرفق تجاري للقرب. الحديث هنا عن مجمع الخير ومفتاح الخير والسلام والارخبيلات السكنية بطريق بن أحمد وغيرها. تجمعات سكنية تضم كثافة سكانية مهمة، لكن مكان تسوقها الوحيد هو الملك العمومي قرب المساجد.. هذه الاحياء لا يمكن ان تنتقل ساكنتها إلى الاسواق المهيكلة الحالية يوميا لاقتناء متطلباتها. فالسوق والتسوق عند الانسان عموما، والمغربي خصوصا هو متنفس ومرفق اجتماعي اولا قبل ان يكون تجاريا واقتصاديا.

أما احتلال ساحات وممرات بوسط المدينة كزنقة الذهيبية وغيرها من الممرات المجاورة، وهو استغلال يكون من اصحاب المحلات في اكثر الحالات، وكذا قرب القيساريات لبيع نفس المنتوجات المعروضة بالداخل، فهو أمر غير مقبول لما يحمل من منافسة غير شريفة وما يمثل من فوضى. هي امور غير مقبولة بثاثا وتحت اي ذريعة كانت. كما ان فوضى تحول كل ملتقيات الشوارع لمحلات لبيع الخضر والفواكه فيجب ان يكون من الماضي وتوظيف التقنيات الحديثة كالدرون لتسجيل كل المخالفات وزجرهم بكل قوة وحزم.

حتى تكون العمليات المقبلة لتحرير الملك العمومي مستدامة وخارجة عن الروتين اليومي، يجب التفكير في طرق وسبل استدامتها وتحديد مشروع متكامل ومجدول من قبل السلطات المحلية لتنزيله على مراحل ليحرر كل الشوارع والازقة والارصفة بسطات وتسهيل المرور بها. عملية بمجهود بيداغوجي تؤسس لدى ساكنة المدينة ثقافة احترام الفضاء المشترك كمدخل لاحترام الاخر.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.