في ظل ما تشهده مؤسسة الأمن الوطني من تطور مشهود واستراتيجيات استباقية تُعتبر من بين الأكثر تقديرًا على الصعيد الدولي والوطني، برزت حادثة تقشعر لها الأبدان تكشف عن فجوة مقلقة في التعامل مع المواطنين المغاربة. كيف يمكن لمؤسسة الأمن الوطني، التي نجحت في تعقب هاتف مواطنة أمريكية ضاع منها في القطار وإعادته إليها في أقل من 24 ساعة، أن تفشل في توفير نفس الخدمة لمواطن مغربي يؤدي واجباته الضريبية؟
يطرح العديد من علامات الاستفهام ويحيلنا على الغاية من الهروب من المغرب وواقعة سبتة عبرة لمن أراد أن يعتبر،فلا ينقصنا الخبز حسب المثل الشعبي ولكن ينقصنا أن نحس انا لنا كرامة وقيمة واعتبار مثل أصحاب الجوازات (الحمراء،الزرقاء)،فلهذا يهرب فلذات أكبادنا.
وللمفارقة العجيبة حادثة ضياع هاتف لمواطن مغربي في سطات تكشف عن وجه قاتم للتفاوت في التعامل. بينما حصلت المواطنة الأمريكية على خدمة استثنائية وناجعة، طُلب من المواطن المغربي الانتظار حتى اليوم الموالي لإنجاز محضر شكايته، ثم تأجيل تعقب هاتفه إلى ما بعد العطلة بسبب الحاجة إلى توقيع وكيل الملك.
الأمر لا يتعلق فقط بهاتف ضائع، بل بحياة مهنية وشخصية قد تتعرض للانهيار جراء تأخر استرجاع هذا الهاتف. الأسوأ من ذلك، بعد مرور أسبوع كامل من الانتظار، لم يُحرز أي تقدم، ولم يُتصل به أحد من الجهات الأمنية، وكأن هذه المؤسسة التي يُفترض بها تقديم خدمات راقية للمواطن باتت تتجاهل دوره وحقوقه.
في عصر يتم فيه استهداف الجبهة الداخلية عبر وسائل “الهندسة الاجتماعية” واستغلال ضعف المؤسسات، يصبح تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين قضية حساسة تمس أمن المجتمع بأسره. هل يُدرك مسؤولو الأمن الوطني في سطات حجم المعاناة التي يمكن أن تتعرض لها عائلة بأكملها نتيجة ضياع هاتف؟
ما حدث هو ناقوس خطر يدق بقوة؛ على مؤسسة الأمن الوطني أن تعيد النظر في طرق تعاملها مع المواطنين، وأن تبرهن على أن الأمن ليس مجرد شكل بل عمق يستشعره المواطن في كل تفاصيل حياته اليومية.
فعالية ونجاعة الأمن الوطني ليست رفاهية، بل حاجة ملحة تمس حياة الأفراد وأمنهم الشخصي والمجتمعي.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=9401