محمد اعبابرن
بتراب جماعة سيدي العايدي بإقليم سطات يومه 2 دجنبر 2025، تم افتتاح مشروع “LOGINTEK” من قبل عامل صاحب الجلالة بحضور الوالي والعامل السابق للسطات السيد بوشعيب متوكل الذي يعود له الفضل الكبير في إخراج هذا المشروع للوجود بتحطيم كل العقبات التي كانت قد وضعت لإفشاله. إن مشروع LOGINTEK يُعد أول منطقة صناعية ولوجستية خاصة ومتكاملة على الصعيدين الوطني وشمال إفريقيا، في خطوة تشكّل محطة مهمة في مسار تطوير الصناعة والخدمات اللوجستية بإقليم سطات.
مشروع “LOGINTEK” ليس مجرد منطقة صناعية تقليدية، بل صُمّم ليكون نظامًا متكاملاً يجمع بين الصناعة واللوجستيك والخدمات لتلبية كافة احتياجات الشركات، من الوحدات الصناعية المرنة إلى الخدمات اللوجستية والإدارية المتكاملة. يمتد المشروع على مساحة 123 هكتار، منها حوالي 100 هكتار جاهزة للتسويق، ويضم وحدات صناعية بمساحات مختلفة تتراوح بين 1,100 م² و100,000 م² لتناسب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على حد سواء. كما يحتوي على منطقة لوجستية بمساحة 60,000 م²، إضافة إلى منفذ جاف يسمح بعمليات الاستيراد والتصدير دون المرور بالموانئ التقليدية، ويوفر فضاء مخصص للشاحنات الدولية (TIR) إلى جانب خدمة “نافذة واحدة” التي تجمع كافة الخدمات الإدارية واللوجستية بما فيها الجمارك والتأمين والمصارف لتسهيل الإجراءات وتقليل التعقيدات. وبهذا التصميم المتكامل، تستطيع الشركات البدء في أعمالها بسرعة وكفاءة، دون مواجهة البيروقراطية أو صعوبات النقل، في بيئة تشجع على الإنتاجية والفاعلية.
يتميز موقع المشروع في سيدي العايدي بإقليم سطات بموقعه الاستراتيجي الذي يربطه بشكل مثالي بمحاور النقل الرئيسية، ما يعزز قدرته على خدمة عمليات الصناعة واللوجستيك بكفاءة عالية. فهو يبعد حوالي 30 كلم عن مطار محمد الخامس الدولي، وحوالي 50 كلم عن ميناء الدار البيضاء البحري، كما أنه متصل مباشرة بالطريق السريع A7 والطريق الوطني رقم 9، إضافة إلى خط سكة حديد يمر قرب المنطقة. هذه البنية التحتية المتكاملة تجعل منه نقطة انطلاق مثالية للتصدير والاستيراد، وتسهّل حركة البضائع داخل المغرب ومن ثم إلى الأسواق الدولية، ما يعزز جاذبيته للشركات والمستثمرين الباحثين عن موقع استراتيجي متكامل.
يتجاوز المشروع كونه مجرد منطقة صناعية أو لوجستية، ليقدم بيئة عمل وحياة متكاملة تجمع بين الإنتاج والخدمات الاجتماعية لتلبية احتياجات الشركات والموظفين على حد سواء. فهو يضم مرافق متقدمة مثل مركز بيانات (data center) مزود بألياف بصرية، بالإضافة إلى مركز أعمال ومركز اتصالات لتقديم الخدمات للشركات. كما يوفر مرافق راحة للموظفين والزوار تشمل فندقًا، مركزًا تجاريًا، منشآت تجارية، مسجدًا، محطات وقود، ومناطق خضراء. تهدف هذه الخدمات إلى جذب المهنيين، وضمان بيئة عمل ومعيشة مناسبة، ما يعزز تنافسية المنطقة ويشجع على استقرار الكفاءات داخل المشروع.
شهد المشروع منذ افتتاحه مباشرة انطلاقة قوية، حيث حقق نتائج ملموسة على صعيد جذب الاستثمارات وتوقيع العقود. فقد بلغ حجم الاستثمار في المرحلة الأولى نحو 2,3 مليار درهم، فيما تم تسويق أو تأجير حوالي 50% من المساحات المتاحة عند الإطلاق. وقد قررت العديد من الشركات والمجموعات الصناعية من ثماني دول، منها المغرب، كوريا الجنوبية، إسبانيا، النمسا، فرنسا، سويسرا، روسيا، ومصر، الاستثمار ضمن المشروع، ما يعكس الثقة الكبيرة التي يوليها المستثمرون للمشروع ويؤكد قدرة المنطقة على تلبية متطلبات الصناعة واللوجستيك على المستوى الدولي.
يتوقع أن يُحدث المشروع تأثيرًا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا على إقليم سطات حيث من المتوقع أن يوفر ما بين 12,000 و15,000 وظيفة مباشرة، إلى جانب آلاف فرص العمل غير المباشرة في مجالات الخدمات والنقل والصيانة واللوجستيك. ويساهم هذا في تعزيز إمكانيات التشغيل المحلية، ودعم التنمية المستدامة، وتقليل معدلات البطالة، خصوصًا بين الشباب. كما يُعد المشروع نموذجًا للشراكة بين القطاع الخاص والدولة، إذ تم بفضل دعم مؤسسات مثل AMDIE والجهات المحلية والاستثمارية تسريع الإجراءات وتجهيز البنية التحتية، مما يفتح الباب أمام تنفيذ مشاريع مماثلة في المستقبل.
يمثل افتتاح المشروع مرحلة جديدة في مسار تطوير البنية الصناعية واللوجستية في المغرب، حيث يضع المشروع لبنة أساسية تعكس رؤية مستقبلية متكاملة تجمع بين الصناعة واللوجستيك والخدمات وبيئة المعيشة في مكان واحد. وإذا تم تنفيذ خطة التشغيل والتنمية كما هو متوقع، مع استقرار الشركات، وتوسيع فرص التشغيل، وجذب الاستثمارات المتنوعة، فقد يصبح نموذجًا يُحتذى به في المغرب وربما في شمال إفريقيا، من حيث التنظيم، والجاذبية الاقتصادية، والقدرة على تعزيز التنمية المستدامة في المنطقة.
مشروع يحمل آمال شابات وشباب الإقليم لولوج سوق الشغل وتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي، كما يسائل في الآن ذاته الأسباب وراء تأخيره كل هذا الزمن لأزيد من خمس سنوات؟ فسرعات التنمية الترابية تسائل كذلك القطاع الخاص المواطن المسؤول عن السرعة والنجاعة والجدية في إخراج المشاريع التي تكون الدولة والمجتمع أطراف فيها. تدشين اليوم جاء متزامنا مع ظرفية وطنية يخيم عليها الجيل الجديد من المشاريع الدامجة
















