باسم الديمقراطية التي ناشدها من أثو بالاستقلال ولم يدركوها، باسم الحرية التي تمناها الجيل الأول إلى أن قوس الدهر ظهورهم، باسم الكرامة التي يراها المتشردون في خيالهم عندما تفتك المخدرات بعقولهم، باسم الحق الضائع في دولة تداول مسؤولوها المصالح فيما بينهم، باسم الوطن الذي يعلو ولا يهزم.
فمند 1980 إلى اليوم ونحن نتحدث عن الانتقال الديمقراطي فهل فعلا تم هذا الانتقال أم أننا لا نزال في الضفة الأخرى من النهر؟ ما هي أوجه الانتقال وما هي المؤشرات الدالة عليه؟ هل الانتقال يتمثل في سن القوانين وتشريع المراسم أم أنه ممارسة وسلوك على أرض الواقع؟ كيف لنا التحدث عن الانتقال الديمقراطي في ظل وجود هوة كبيرة بين الحق والواجب؟ وهل الانتقال الديمقراطي يعني ما تفرزه الانتخابات من نتائج كل واحد يقرأها ويسوق لها حسب مصلحته؟ وهل الفئة الممتنعة عن التصويت مغيبة عن الفعل الديمقراطي أم تم تجاهلها وتغيبها في الحساب الديمقراطي؟ أي ديمقراطية نريد في ظل سلطة المخزن المتجدرة في السلوك الفردي والجماعي للمجتمع؟ أي ديمقراطية وأي بناء ديمقراطي مع منتخب لا يعرف من الديمقراطية غير الاسم؟ أين هي النخب السياسية التي بوسعها المساهمة في دمقرطة الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية …؟ وهل يمكنننا التحدث عن ممارسة ديمقراطية أمام تواجد الانتهازية بعيدا عن الوطنية الصادقة؟ وأي وجه للديمقراطية وحقوق الإنسان عندما تصادر حقوق الأقليات في إبداء الرأي؟ وهل الديمقراطية تعني أن يكون لنا نفس التوجه أم هي الاستقرار في ظل الاختلاف؟
في البلدان المتقدمة تعد الانتخابات وجها من أوجه الديمقراطية داخل المجتمع؟ من خلال الخطاب السياسي التي توجهه الهيئات المشاركة في الانتخابات، ومن خلال البرامج المقدمة وكذا من خلال الحصيلة المنجزة لكل حزب أو هيئة مشاركة في التسيير خلال الولاية المنصرمة، ومدا احترام الأحزاب المتنافس لبعضها البعض بحيث أن الصراع يكون أفقي تتصارع فيه البرامج والمنجزات وقوة الخطاب.
فأين نحن من الدمقراطية؟ عندما تحل عندنا الانتخابات يستعد الكل لحرب مفتوحة، عرقية وايديلوجية وصراعات سياسية عمودية كل يريد أن ينتقم من الأخر، وتظهر على السطح الملفات العالقة والشكاوي والتهم المفبركة، والصراعات غير المعقلنة وملفات التزوير والابتزاز وخلق الفضائح والتشهير بالخصوم، وما يصاحب ذلك من تدني في الخطاب السياسي وضعف البرامج المقدم والاعتماد على سلطة المال والأحيان واستغلال الوجوه البارزة في المجتمع لتلميع صورة الهيئات المشاركة في الانتخابات.
عندما نتحدث عن دمقرطة الحياة لا يمكن ان نغفل المواطن، متسائلين: أي وطن لأي مواطن؟ فالمواطن هو القوام الأساسي الذي تبنى عليه النهضة الديمقراطية، وذلك من خلال وعيه وإدراكه بحقوقه وواجباته، فلا يمكن التحدث عن المبادئ الديمقراطية في غياب ثقافة الحق والواجب، فالمجتمع المدني شريك أساسي في التنمية ودعامة أساسية في بناء المجتمع، من خلال النقد البناء والمشاركة الفعالة والمسؤولة المسايرة لمتطلبات العصر، عبر أسس الديمقراطية التشاركية التي تعطي الحق للمجتمع المدني في إبداء الرأي، عبر تقديم العرائض والملتمسات والانخراط في الهيئات الاستشارية، حيت أن معظم فصول دستور 2011 لم تخلو من مفهوم الديمقراطية التشاركية باعتبار المجتمع المدني شريك في التنمية المجتمعية، وفاعل أساسي في بلورة السياسات العمومية، لكن عن أي مجتمع مدني نتحدث؟ وهل منحنا له الأدوات والوسائل من أجل مواكبة ما وصلنا إليه؟
فإلى متى سيظل الحال على ما عليه؟ وهل ستكون انتخابات 2016 مثل سابقاتها؟ وما هي انتظارات الشارع من الحكومة المقبلة وما هي حصيلة الحكومة الحالية؟ ما هي إنجازاتها وما هي أهم إخفاقاتها؟ وإلى متى سيبقى الصراع بين ما أسماه الرجل الثاني في الدولة: ” وجود دولتين تحكمان المغرب”
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=1663
عذراً التعليقات مغلقة