لا زالت التربة حمراء، لا زلنا ننتظر الغيث من الله حتى نستطيع حرث حقولنا”، يقول أحد الفلاحين نواحي أولاد سعيد وأولاد بوزيري باقليم سطات: “الفَلاّحة مْضَّرْرين بْزَّافْ، وْلِّي ما عَندوش البِيرغادي يَبْقا يتوفّى على خاطْرو”، مؤكدا أنه في حالة غياب التساقطات المطرية خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، فإن الأمر ينذر بأزمة فلاحية واجتماعية لن يقوى عليها الفلاح الصغير..
الجفاف هو ظاهرة مناخية، صاحبت العالم منذ القدم لكنها في السنوات الأخيرة اتخذت شكلا استيطانيا، كما لو أنها استعمرت بقعة ما رفضت مغادرتها، فهو ظاهرة مؤقتة تتصف بضآلة الأمطار إلا انه رغم ضآلتها فإنها تحقق توازنا بيئيا ولما كانت الظاهرة ناتجة عن قلة المطر وارتفاع درجة الحرارة السائدة وزيادة معدلات التبخر, فمن الخطأ تحديدها وفق عامل واحد ولو أن جملة الكمية السنوية للأمطار تستخدم في معظم الأحيان كدليل بسيط عن تحديد الجفاف ويمكن القول أن المناخ يعد العامل الرئيسي المؤثر في تحديد خصائص البيئة الجافة فهو الذي يتحكم في معامل السطح وخصائص النبات وملامح الحيوان، وتركيب التربة. ويعد شح المياه في الطبقات العليا والرواسب السطحية عاملا يحد من استغلال الأراضي وتطويرها، ومن الضروري البحث عن أسباب قلة التساقطات في الأراضي الجافة التي تحتل ثلثي سطح الأرض. كما هو فضل عن قباحته الذي يسبب مجاعات ومناظر كئيبة مؤذية بعيدة عن أي مظهر إنساني، له تأثيرات اقتصادية مدمرة على المدى القريب والبعيد خاصة في عالم يعاني من التلوث والتسخين الحراري، وتدني البيئة وتناقص الموارد المائية الصالحة للاستخدام، وانقراض الفصائل الحيوانية والنباتية المختلفة، و الانفجار السكاني الذي فاق أخيرا المعدلات كافة منذ فجر التاريخ.
فقد أدى أيضا إلى زحف الصحراء بشكل ثابت ومنسق على حساب الأراضي الزراعية والمروية بمياه المطر والمياه الجوفية، مما يعني تقلص الرقعة الخضراء بشكل لا يمكن إصلاحها.
هذه الظاهرة المتكررة تثير قلقاً أكبر، مع احتمال زيادة عاملي التكرار والحدة، نتيجة لتغير المناخ الذي يؤثر على الأمن الغذائي، و يدمر الموارد الطبيعية ويعوق النمو الاقتصادي بشكل عام.
للجفاف أسبابا وآثارا متعددة
أسباب الجفاف في مقدمتها ندرة الأمطار التي أدت إلى عدم وجود زراعة مطرية، وكذلك ضآلة الأمطار الفجائية التي تنهمر بكميات كبيرة خلال فترات زمنية محدودة مما يؤدي إلى سرعة جريان الأودية وكثرة السيول مما يجعل الاستفادة منها في مجال الزراعة محدودا، وكذلك الحال بالنسبة للمياه الجوفية، ومن أسباب الجفاف الأخرى ارتفاع درجات الحرارة السائدة مع زيادة نسبة التبخر حيث ترتفع نسبة التبخر بمعدل سنوي يتراوح ما بين 3000 ـ 4000 ملم في العام، كما أن طبيعة التربة و مكوناتها ومسميتها الكبيرة لا تساعد على الاحتفاظ بالمياه لذا تكون عملية التبخر سريعة مما يزيد من كمية المياه المتبخرة.
أما آثاره الذي تعرض له النشاط الزراعي قد ظهرت بشكل واضح على المزارع والمحاصيل فالكثير من المزارع جفت آبارها وارتفعت نسبة الأملاح الذائبة في مياهها فحولتها إلى القحولة وكذلك أدى إلى تفاقم مشكلة الري غير المنتظم واستخدام المزارعين غير المتخصصين الطرق القديمة في ري المناطق الزراعية مما نتج عنه عجز مائي أدى إلى تصحر أجزاء من المناطق المزروعة. وكان لتزايد معدلات الجفاف أثرها الكبير على الأشجار المثمرة التي تتعرض للجفاف, كما يؤثر على المحاصيل الحقلية حسب موعده وشدته وفترة دوامه ويؤدي إلى قصر النبات وصغر حجمه.كما ساعد جفاف التربة على تفكك ذراتها مما جعلها عرضة للمؤثرات الخارجية مثل الرياح والمجاري المائية والمسيلات شديدة الانحدار خاصة التي تنحدر من المناطق الجبلية.
النتائج العامة للجفاف
إن المتغيرات السائدة التي تسبب التغيرات الإيكولوجية هي عوامل مادية مثل سقوط الأمطار الذي يخرج عن السيطرة والإدارة. ولقد كانت نوبات الجفاف الممتدة لأكثر من عام مشكلة عصية على المعالجة في جميع الحالات. فالجفاف يؤثر تأثيرا مباشرا على سبل العيش لدى السكان لأنه ينقص الإنتاج الغذائي ويهلك الحيوانات الزراعية ويخفض القوة الشرائية وقد يؤدي إلى الصراعات الأهلية ويزيد بسرعة من عدد المعدمين. وفي نهاية الأمر يصبح الناس معتمدين على المعونة الدولية بوصفهم نازحين داخل بلادهم أو لاجئين في بلدان أخرى.
الحلول المترتبة عن الجفاف
أ – تتخذ التدابير الضرورية لصياغة “خطط عمل قطرية لتخفيف آثار الجفاف” في إطار البرامج العامة للتنمية للمجتمعات المحلية في المناطق المعرضة للجفاف.
ب – تنشئ الإطار المؤسسي اللازم لأجل تنسيق ورصد وتنفيذ الخطط القطرية لتخفيف آثار الجفاف وأن تلحق هذا الإطار (المؤسسة) بأعلى مستوى حكومي ممكن.
ج – توفر الموارد الضرورية لإنشاء “نظام لمراقبة الجفاف والإنذار المبكر” حتى يتحقق في البلد المعني المعلومات المسبقة والاستعداد في الوقت المناسب.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=657
عذراً التعليقات مغلقة