تعيش سطات هذه الايام حيفا واقصاء وتجاهل غير مسبوقين من المكتب الوطني للسكك الحديدية. فبعد تجاهل موقع سطات الجغرافي والتاريخي كصلة وصل لا محيد لها بين شمال وجنوب المملكة من قبل مكتب لخليع الذي يعمل جاهدا على تفادي مرور القطار الفائق السرعة البراق من سطات محاولا القطع مع اي امل للتنمية بهذه الرقعة الجغرافية من المملكة المغربية. فمهندس سكك حديد المغرب وهو العارف لخبايا هندسة صناعة العربات، يبدو أنه غافل أو “يتغافل” الفلسفة التي بنيت عليها السكك الحديدية في العالم. فهي من جهة، بنية تحتية أساسية لنقل السلع والبضائع والانسان، ومن جهة ثانية تقوم بتوثيق أواصر الصلة بين مختلف مكونات الرقعة الجغرافية في وطن واحد، أو في قارة، أو أكثر.
نعم فالسكة الحديدية هي عامل من عوامل توحيد الولايات المتحدة الامريكية، ومؤشر نجاح مشروع الاتحاد الاوروبي الذي جعل من السكك الحديدية، بمختلف أصنافها، رمزا لتوحيد الاتحاد وربط مختلف نقطه الجغرافية رغم عامل التاريخ. السكك الحديدية هي كذلك من أهم وأبرز بنيات الطريق والحرير التي كانت رافعا اساسيا واستراتيجيا للاقتصاد والثقافة الصينيين. فلا عجب أن نرى ربط اسبانيا بغرب اوروبا بالقطار الفائق السرعة لتقليص زمن السفر دون إقصاء المدن والبلدات التي يمر منها لوعي المسؤولين بالاهمية السوسيو اقتصادية لهذا الربط من جهة، وكلفته الباهظة والغير مقدرة العواقب من تجاهل مدن وبلدات، ما يدفع لعزلتهم من كل النواحي. فلا عجب أن نجد القطار الفائق السرعة بألمانيا وفرنسا على سبيل المثال لا الحصر، يمر من كل المدن في طريقه بتوقف مبرمج. توقف في بعض الحالات يصل لاكثر من ثلاث توقفات لأقل من 200 كيلومتر. وهاهي دولة الامارات العربية المتحدة مقبلة على اطلاق خط فائق السرعة بين مدينتي الشارقة وأبو ظبي مع أكثر من توقف. نعم فالهدف هو ترسيخ جسور التواصل وتقوية لحمة المجتمع والدولة، وهي أمور لا تقدر بثمن، بل هي شروط يركع لها التقني مسخرا كل معارفه ومهاراته لحسن تحقيقها وتؤكد محدودية التقني في اتخاذ القرار الذي يظل تحت سيادة ومسؤولية السياسي .
سلوكات السيد مدير سكك حديد المغرب الاخيرة مع سطات تطرح مجموعة من التساؤلات، فعمل مكتبه على الاسراع في انجاز الخط الفائق السرعة البراق خارج سطات، وهو المشروع الاستراتيجي للمملكة الرابط بين البيضاء ومراكش، يكشف سعي “لخليع” لتمريره خارج سطات ليفرض أمر واقع يتمثل في عدم وجود محطته بسطات، والاقتصار على توقف واحد بين البيضاء ومراكش في بن جرير فقط ! نقطة أثارة حفيظة الساكنة والفاعلين الاقتصاديين الذين أعربوا لنا عن تشبثهم بحقهم في العدالة المجالية التي سيقوم القطار الفائق السرعة البراق في صيغته الحالية إلى ضرب ركائزها لسطات. هذه النية المبيتة لمكتب لخليع اتجاه سطات عاصمة الشاوية وقلبها النابض، اتضحت معالمها من خلال عمل غير مسبوق للمكتب المذكور مع سطات. فمكتب لخليع، في سابقة من نوعها في المملكة المغربية، قام “بجريمة” هدم محطة قطار سطات عن آخرها لتشييد واحدة أخرى جديدة مكانها. على طول السكة الحديدية بالمغرب دشنت سكك المغرب محطات جديدة، مع الإحفاظ على التاريخ الذي تمثله القديمة، في تلاحم يجسد اختيارات المغرب للحداثة والمعاصرة بنفس شدة تشبثه بأصالته وروافده التاريخية والثقافية. غير أنه في سطات، عمد المكتب المذكور على هدم محطة هي من الأوائل بالمغرب وشاهد على مجموعة من الاحداث التاريخية للمدينة، أبرزها الزيارة التاريخية لجلالة المغفور له محمد الخامس لمدينة سطات فيالقرن الماضي.
عملية الهدم، بالاضافة لكلفتها اللامادية، فإنها جعلت زبائن هذه المحطة الذين يقارب عددهم المليون مسافر سنويا، متجاوزا محطات كثيرة، يعانون في البديل المؤقت الغير قادر على توفير المطلوب منه، مع تجاهل القيمين على المشروع التجاوب لمطلب الزبائن من خلال اعتماد مدخلين للمحطة، الاول في مكان القديم والثاني في الجهة الموازية بحي مفتاح الخير حيث يتمركز عدد كبير من السكان وكذا الزبائن. مكتب لخليع يصر على عدم التجاوب لهذا المطلب، في ضرب لمبدأ الديمقراطية التشاركية الذي اعتمدته الدولة المغربية من جهة، وتكريسا لأخطاء مماثلة اقترفتها ادارة سكك المغرب في محطات أخرى كالمحمدية وغيرها.
سلوكات تطرح عدد من التساؤلات حول السبب الذي يجعل مكتب لخليع يتخذ كل هذه الاجراءات مع سطات فقط دون غيرها من مدن المملكة؟
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=8856