كلية بن احمد: سراب انتخابوي بدافع قبلي، تذيبه واقعية السياسة العمومية

هيئة التحرير
جهويةهنا سطات
هيئة التحرير25 يناير 2023آخر تحديث : الأربعاء 25 يناير 2023 - 2:16 مساءً
كلية بن احمد: سراب انتخابوي بدافع قبلي، تذيبه واقعية السياسة العمومية

بعد تفتت سراب اعادة تشغيل مستشفى التخصص في الامراض التنفسية ببن احمد منذ عقود، عاشت ساكنة المدينة في المرحلة الاخيرة على ايقاع سراب آخر متمثل في انشاء كلية متعددة الاختصاصات لتكون “قاطرة” لتنميتها والنهوض بهذه البلدية من واقع لا يشرف تاريخها ومكانتها داخل الاقليم. فقد علق الساسة وخصوصا بعض البرلمانين منهم آمال الساكنة على احداث هذه المؤسسة في بن احمد لتكون قاطرة وهمية للتنمية وتساهم في التخفيف من تنقل حوالي 3000 طالبة وطالب من المنطقة، لتستمر معانات ازيد من 6000 آخرين من ساكنة الدواوير البعيدة عن مركز بن احمد مع النقل من جهة، ومتطلبات الحياة الطلابية من كراء وغذاء وغيرهما، دون الحديث عن جودة الدراسة وآفاقها من جهة ثانية .

الغريب في الامر، وما يطرح اكثر من علامة استفهام، هو لماذا استمر الحديث عن بناء هذه الكلية على الرغم من انعدام تسوية العقار الخاص بذلك نهائيا. فالعقار التابع لوزارة الصحة يضم سكن وظيفي يصعب افراغه في الوقت الحالي. الجامعة ووزارة التعليم العالي آنذاك طالبو بتقسيم الرسم العقاري، والحصول على رسم عقاري يضم فقط المساحة المحررة ولا يتضمن السكن الوظيفي موضوع النزاع، وهو الامر الذي لا يسمح به القانون. حيث لا يمكن تفتيت الرسم العقاري في ملك الدولة. هذا الاشكال الحقيقي للوضعية العقارية يعرفه في حينه الجميع من اداريين ومنتخبين (برلمانيين ومحليين)، اي منذ ازيد من سنة واشهر!!!

لتبقى رصاصة الرحمة على المشروع، والتي حافظت على نقاء ماء وجه النخبة السياسية التي سوقت للوهم في كل المواقع الاجتماعية وبقيت تدفع من يتغنى باطلاله، هي قرار وزير التعليم العالي القاضي بعدم احداث الكليات المتعددة التخصصات.

الان، وبلغة الارقام، وبعيدا عن الانتخابات والحسابات السياسوية التي تخدم اجندات انتخابوية ضيقة، فان احداث كلية متعددة التخصصات بين احمد كانت ستكلف خزينة الدولة ازيد من 90مليون درهم، اي ما يفوق 9 مليار، اضافة لميزانية التسيير والتجهيز السنويتين الذين ان يقلا عن 7مليون درهم، دون ذكر الاطر الادارية والتعليمية الخاصة بهذه المؤسسة، والتي لن تقل كلفتها السنوية عن 10مليون درهم سنويا. اي ما يفوق 11 مليار سنتيم في الدفعة الاولى، وبعدها مليار و 700مليون سنتيم في كل سنة من عمر هذه المؤسسة. هذه الكلفة لو تم تخصيصها للطالبات والطلبة كمنح او في احياء جامعية لهم كانت ستكون بمردودية اهم وواقعية وموضوعية اكبر بكثير. مع العلم ان كلية متعددة الاختصاصات تضمن تكوين سلك الاجازة فقط وفي شعب الاستقطاب الغير المحدود كالحقوق والاقتصاد، اما طلبة المنطقة بالمؤسسات الجامعية الاخرى ككلية العلوم وغيرها فهم غير معنيين.

ليبقى السؤال الآخر المطروح على نخب المنطقة والاقليم، كيف يمكن تحقيق تنمية حقيقية مندمجة ومتكاملة ببن احمد بكل موضوعية وخارج الحسابات الانتخابوية والنزعة القبلية التي قطعت معها منذ زمان اسس مغرب الحداثة والمؤسسات ؟

والى متى ستبقى دائرة بن احمد التي تتوفر على ثلاث بلديات ( بن احمد، اولاد امراح واولاد) اقل ما يقال عن وصفها انها جماعات قروية برداء بلدية، وتغوص في اعماق وحل الهشاشة، بالنسبة لهذه النخبة خزان انتخابي فقط، والتعامل مع ساكنة الاقليم بحد ادنى من احترام ذكاء الساكنة والعمل بجد على تحقيق اقلاع اقتصادي وتنموي مندمج ومتكامل يوظف كل طاقات وامكانيات طبيعية وبشرية وتراثية ودينية لمنطقة بن احمد خصوصا ولكل الاقليم ؟؟؟!

المعلوم ان الدور الاساسي للاحزاب السياسية ونخبها هو الوساطة بين المواطنين والسلطات والادارة لتحقيق التقائية فعالة للسياسات العمومية، وهو الدور الذي تتحمله النخب السياسية بعيدا عن التجييش القبلي ورهن المنطقة في حسابات سياسوية، ولكن العمل على وضع رؤية تنموية للمنطقة والاقليم قادرة على تقوية مكانته بالجهة ومواجهة تحديات المستقبل.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.