هشام الأهري وعبد الحميد كرام
الأسبوع الأول من أيام الحجر الصحي كان قاسيا للغاية، كان المواطنون داخل بيوتهم يحاولون التأقلم مع واقع جديد وحياة جديدة، وكان قصف الإعلام عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي في أوجه، مشاهد تراجيدية للمأساة من ايطاليا اسبانيا والولايات المتحدة الأمريكية، والسؤال الذي شغل العقول كيف سيتصرف المغرب، وهل غلق أبواب البيوت على المواطنين كاف لتجنب الإصابة والوفاة بالفيروس المجهول.
كانت عملية توزيع رخصة التنقل الاستثنائية تسير بسرعة كبيرة، مع بعض التعثرات نظرا للطلب الكبير والامكانيات البشرية المحدودة لرجال السلطة، ومع ذلك استطاعت الإدارة الترابية أن تكسب تحدي ورقة التنقل الاستثنائية في أقل من أسبوع.
كانت “أخبار سطات” في قلب العملية، أغلب رجال الإدارة الترابية بمختلف مستوياتهم مشتركون بصفحة الجريدة التي قفز عدد أعضائها بعد أسبوع من الحجر المنزلي الى 120 ألف يتوزعون على جماعات الإقليم وأيضا أبناء الجالية المنحدرون من سطات، كنا بين الفينة والأخرى نضع نداء توصلنا به من أحد الأحياء أو الجماعات يرتبط بعدم التوصل برخص التنقل الاستثنائية، فيكون التفاعل فوريا معها من قبل المسؤولين، في إحدى المرات اتصلت شابة برقم الجريدة تقطن بحي لكنانط، أخبرتنا بأنها المعيلة الوحيدة لأسرتها ولم تتوصل بورقة التنقل وهي في حاجة للخروج من أجل اقتناء الدواء لوالدتها المريضة، وضعنا النداء على الصفحة، دقائق بعد ذلك تواصل معنا السيد رئيس الدائرة الأولى وقائد المقاطعة الحضرية الثانية وأخبرانا بأنهم في طريقهم لمنزل الشابة، تكرر مثل هذا الأمر كثيرا، وفهمنا بأن السلطات منفتحة على الإعلام بل وتعتبره شريكا في تدبير هذه الأزمة، وهو ما سهل مأموريتنا كثيرا وشجعنا على المضي في أداء رسالتنا بعزيمة وإصرار.
كانت أيام وليالي الاسبوع الأول مملة للغاية، لكن ما كسر رتابتها هو تسارع الأحداث عبر الاعلان عن العديد من الإجراءات والتدابير الحكومية، في 20 مارس 2020 دخلت حالة الطوارئ الصحية في المملكة حيز التطبيق على الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة 20 مارس، تنفيذا للقرار الصادر يوم الخميس 19 مارس، وذلك للحفاظ على صحة وسلامة المجتمع المغربي.
تم تحديد لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية التي يجب أن تستمر في تقديم خدماتها ومنتوجاتها للمواطنين خلال فترة الطوارئ الصحية.
وفي 21 مارس 2020 ، صدر قرار بمنع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن، وعلقت الخطوط الملكية المغربية رحلاتها المحلية، كما تم الإعلان عن توقيف جميع قطارات الخطوط وتأمين الحد الأدنى من قطارات القرب ابتداء من يوم الاثنين 23 مارس على الساعة 11:59 ليلا.
21 مارس 2020، دعت وزارة الثقافة والشباب والرياضة إلى تعليق إصدار الطبعات الورقية للصحف حتى إشعار آخر، كما صادق مجلس الحكومة على مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها.
وفي نفس اليوم قررت شركات الاتصالات الثلاث العاملة بالمغرب أن يصبح الولوج مجانيا بصفة مؤقتة عبر الشبكات الثابتة والمتنقلة، إلى جميع المواقع والمنصات المتعلقة بـ “التعليم أو التكوين عن بعد” الموضوعة من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
كما تم إصدار قرار بإغلاق الاسواق الأسبوعية حتى إشعار آخر.
في 23 مارس 2020، صادقت لجنة الداخلية والجماعات الترابية بمجلس النواب على مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية.
في 24 مارس 2020، دعت رئاسة النيابة العامة إلى التطبيق الصارم للمرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها، وتوقف احتساب الآجال القانونية للتصريح بوقائع الحالة المدنية إلى غاية الإعلان الرسمي عن رفع حالة الطوارئ الصحية، كما صدر مرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها بالجريدة الرسمية.
بدوره وضع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب مجموعة من الإجراءات من أجل الحد ما أمكن من تنقلات زبنائه إلى وكالات المكتب، والخبر الجميل بتعبئة الطب العسكري في مكافحة فيروس كورونا
في اليوم الموالي تم إطلاق إطلاق منصة هاتفية جديدة “ألو 300”.
في 26 مارس 2020، تم إطلاق بوابة إلكترونية خاصة بالتعويضات الجزافية الشهرية (الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي).منح تعويض شهري جزافي قدره 2000 درهم لفائدة الأجراء والمستخدمين المتوقفين مؤقتا عن العمل المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وفي 27 مارس 2020، الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد – 19 : توفير ملياري درهم لتأهيل المنظومة الصحية، وإحداث آلية جديدة للضمان تحت اسم “ضمان اكسجين” لدعم المقاولات.
في اليوم الموالي أعلنت الوزارة التضامن والاسرة والمجتمع المدني عن تعبئة مكثفة من اجل محاربة العنف ضد النساء
في 29 مارس 2020، أطلقت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي برنامجا لدعم استثمارات المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تستثمر في مجال تصنيع المنتجات والمعدات المستعملة في مواجهة جائحة كورونا.
وفي نفس اليوم أعلنت وزارة التربية الوطنية عن قرار مواصلة التعليم عن بعد وتأجيل العطلة الربيعية، فيما أعلن بنك المغرب عن اعتماد مجموعة من التدابير الجديدة لدعم الاقتصاد والنظام البنكي.
وفي 30 مارس 2020، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يصدر نسخة جديدة للبوابة الإلكترونية “covid19.cnss.ma“. كما أعلن المركز السينمائي المغربي عن تقديم مجموعة من الأفلام المغربية الطويلة عبر الأنترنت.
وفي نفس اليوم تم الاعلان عن عملية الدعم المؤقت: إيداع الطلبات عبر إرسال رقم التغطية الصحية لرب الأسرة عبر هاتفه المحمول إلى الرقم الأخضر 1212 وعدم التردد على مقرات العمالات والملحقات الإدارية والقيادات.
إجراءات كثيرة وقرارات مختلفة في ظرف أسبوع، كان لها أثر إيجابي في نفوس المواطنين، الذين استشعروا بأن الدولة تشتغل بسرعة كبيرة لمحاصرة تداعيات الجائحة، لكن هذه القرارت كانت في حاجة للتفسير وتقديم الشروحات الوافية والأهم كان من الضروري فرزها عن العديد من البلاغات المفبركة والأخبار الزائفة، في “أخبار سطات” كنا قد ساهمنا في تأسيس مجموعة ” صحافيون ضد الإشاعة” والتي كانت تضم جميع الأقلام الصحفية بالمدينة، وكان لها دور كبير في فرز والتأكد من صحة البلاغات والقرارات، واشتغل أعضاؤها بحيوية من أجل تغدية مختلف المنابر والصفحات بالأخبار الصحيحة.
كنا داخل هيئة تحرير الجريدة نناقش أي مستجد ونتفق على طريقة صياغته ووضعه ونبحث في أفضل السبل من أجل تقديمه بشكل مفهوم، واعتمدنا كثيرا علي وكالة المغرب العربي للأنباء والتي كان لها من الإمكانيات ما يجعلها تصل بسهولة لصناع القرار وغالبا ما تتوفق في وضع المعلومة بأفضل طريقة، لكن كان علينا البحث في طريقة تنفيذ الاجراءات بالاقليم، فمثلا قرار منع استعمال وسائل التنقل الخاصة والعمومية بين المدن، والإعلان عن توقيف جميع قطارات طرح جملة من الإشكاليات والتساؤلات خصوصا بالنسبة لأبناء المدينة الذين يشتغلون بالبيضاء وبرشيد، وتوصلنا بالعشرات من الاستفسارات والمكالمات الهاتفية التي تطلب منا البحث عن المعلومة، توفقنا من نيل شرح كاف من قبل رئيس الشؤون الداخلية بالعمالة بخصوص التنقل من أجل العمل، فيما فشلنا في اختراق حاجز التعتيم واللا تواصل من قبل مكتب السكك الحديدية بالبيضاء قبل أن نتوصل لكونهم تفاجؤوا بدورهم بقرار الحكومة ولم يهيؤوا بعد خطة لتسيير قطار القرب البيضاء سطات.
كانت نهاية الأسبوع الأول تحمل لأول مرة خبرا مفرحا، بإعلان شفاء أول حالة أصيبت بكورونا بإقليم سطات، وكانت الفرحة كبيرة، نظمت ادارة المستشفى حفل استقبال على شرفها ، ولم يتم استدعاؤنا كجريدة رغم أننا كنا شبه مقيمين بالمستشفى نقتفي أخبار الاصابات الجديدة، لكن ما كان البعض يؤاخذه علينا أننا لا نجزل الشكر والتنويه بالافراد بقدر ما نحتفي بالمنظومة والجماعة والفريق، ومع ذلك حضرنا حفل الاستقبال وتقدمنا لتهنئة السيدة التي غادرت المستشفى فكانت لحطة تجدد الأمل في وقت كان كل شيئ يتحول رويدا رويدا للسواد.
في الحلقة المقبلة:
سطات تبكي أول شهدائها .. وفاة سي نور الدين ضحية الإصابة بالفيروس اللعين
في الحلقات السابقة:
الحلقة الأولى:
ذاكرة أخبار سطات.. صحافيون في قلب الجائحة .. الجزء 1 : قبل العاصفة
الحلقة الثانية:
ذاكرة أخبار سطات : صحافيون في قلب الجائحة .. الحلقة الثانية : الحيرة
الحلقة الثالثة:
ذاكرة أخبار سطات: صحافيون في قلب الجائحة .. الحلقة الثالثة: الهوس
الحلقة الرابعة:
ذاكرة أخبار سطات: صحافيون في قلب الجائحة .. الحلقة الرابعة: هي فوضى ..
الحلقة الخامسة:
ذاكرة أخبار سطات: صحافيون في قلب الجائحة .. الحلقة الخامسة: أسبوع أول “حجر” ..
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=4333