احتضن مدرج ابن خلدون بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول بسطات، ندوة وطنية حول موضوع “مشروع قانون المالية 2020.. قراءات في الأرقام والتوجهات”، وذلك يوم الجمعة 6 دجنبر نظمها ماستر المالية العامة، منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، والمنتدى المغربي للباحثين الشباب في المالية العمومية.
وافتتحت الندوة الوطنية، والتي شهدت حضورا غفيرا من الطلبة والباحثين تجاوز 500، بجلسة افتتاحية، عبر الدكتور محمد بوجنون منسق ماستر المالية العامة في مستهلها عن خالص تشكراته للسيد عميد الكلية وطاقمه الاداري على ترحيبه بمبادرة تنظيم هذا اللقاء، وعلى الدعم الذي قدموه لتحضيره. كما رحب بأطر منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، مع توجيهه تحية خاصة للذين تحملوا عناء السفر من أجل المشاركة، واعتبر الدكتور “محمد بوجنون” بأن مشروع قانون المالية يمكن أن تكون له قراءات متعددة ومن زاويا مختلفة، اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها، وبأن هذه الندوة تروم محاولة ملامسة محاور الإشكاليات لتبين مسارات هذا المشروع، وكيف تم خلقه وبلورته، مع الوقوف عند الفصول التي تشكل نقطة توتر وتستدعي قراءات نقدية وإعادة النظر من طرف البرلمان. وأضاف المتحدث داته بأن الجامعة تشكل الفضاء الأمثل لنقاش علمي وأكاديمي رفيع، يسلط الضوء بهدوء ورزانة الباحث العلمي على مختلف تمفصلاته ويتلمس نقاطه المضيئة والغير مضيئة، ويسبر أغوار أرقامه الدالة ليقارنها بالأهداف العامة المطروحة.
لذلك – يضيف الدكتور محمد بوجنون- فإن للجامعة دور رئيسي للقيام به كمختبر للتفكير والنقاش، ولذلك تقرر احتضان هذا الموعد العلمي الهام، وتقرر تنظيمه بشراكة مع منتدي الباحثين في وزارة الاقتصاد والمالية، وهو مؤسسة تعتبر مرجعا وطنيا في رعاية النقاش حول كل ما يتعلق بالمالية العمومية، نظرا للكفاءات الكبيرة التي يضمها وللتراكم الفكري والمعرفي الذي حققته طيلة سنوات من العمل.
من جانبه اعتبر الدكتور “عثمان مودن” رئيس منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، عن سعادته لمشاركة باحثي وزارة الاقتصاد والمالية في هذه الندوة العلمية، واعتبر الدكتور بأن مثل هذه اللقاءات مع طلبة الجامعة تعتبر حيوية وتسهم في تبادل النقاش والأفكار حول موضوع بأهمية بالغة له انعكاس مباشر على السير العام للدولة ومرافقها.
وأضاف الدكتور “عثمان المودن” بأن هذا اللقاء بإمكانه أن يشكل مقدمة للقاءات أخرى، تسبر أغوار جميع المواضيع المرتبطة بالمالية العمومية. ولفت المتحدث ذاته الي كون مشروع قانون مالية 2020 به مجموع من النقط المهمة، لكن النقاش انصب حول نقطة وحيدة تتعلق بالمادة 9، ودور مثل هذه اللقاءات ينصب نحو تحليل جميع البيانات الأفكار المتضمنة فيه وليس فقط الانسياق الى قراءة تبسيطية للوثيقة.
من جانبه عبر “هشام الأزهري” رئيس المنتدى المغربي للباحثين الشباب في المالية العمومية، عن سعادته لمساهمة المنتدى في تنظيم هذا اللقاء العلمي، رفقة شركاء وازنين ولهم باع طويل في السجال الفكري حول المالية العمومية، وأكد “هشام الأزهري عن ترحيبه بمبادرة عقد شراكة بين منتدى الباحثين الشباب ومنتدي باحثي وزارة الاقتصاد والمالية، مؤكدا بأنها تخدم الهدف العام الذي من أجله تم تأسيس المنتدى من داخل ماستر المالية العامة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، واعتبر ” هشام الأزهري” بأن مثل هذه اللقاءات تسهم في التكوين الموازي للطلبة الباحثين في مجال المالية العمومية على اعتبار أن النقاش الرزين من دوي الاختصاص يسد فراغا كبيرا يعاني منه الفضاء العمومي بعد سيطرة التحاليل السطحية والجاهزة بفضاءات التواصل الاجتماعي.
بعد ذلك انطلقت مداخلات الأساذة المحاضرين في جلسة ترأسها الدكتور رشيد ملوكي. وتكفل بمهمة المقرر الدكتور عبد الفتاح لهراوي والاستاذة آمال بلكاملة. استهلها الأستاذ نور الدين لزرق بمداخلة في موضوع تدبير الدين العموميوآليات التمويل الجديدة في مشروع قانون المالية 2020، تلاه الأستاذ عبد الكريم النوحي بمداخلة في موضوع “الحسابات الخصوصية للخزينة من خلال قراءة في مشروع قانون مالية 2020 والقانون التنظيميلقانون المالية رقم 13ـ130، تم مداخلة للأستاذ ياسين افحيلي في موضوع قراءة في أبرز المستجدات الضريبية لمشروع قانون مالية 2020، تم مداخلة للأستاذ رضى بوكمازي في موضوع ” قراءة في المادة 7و8 من مشروع قانون مالية 2020، كما عرفت الندوة تقديم مداخلة للاستاذة زهيرة الادريسي في موضوع مقاربة النوع الاجتماعي: أي حضور في ظل مشروع قانون مالية 2020، ومداخلة للأستاذ محمد الزاهي في موضوع ميزانية النتائج من منظور النوع الاجتماعي في ضوء مشروع قانون مالية 2020، ومداخلة للأستاذ مجد عبد المنعم في موضوع” المقتضيات الضريبية وسؤال الأمن القانوني في ضوء مشروع قانون مالية2020 “، ومداخلة للأستائ محمد شعوب في موضوع” تنفيذ الأحكام القضائية في مواجهة الدولة والجماعات الترابية بين الضمانات الدستورية والتشريعية وقيود مشروع قانون المالية”، ومداخلة للأستاذ محمد بيصة في موضوع” التسوية الطوعية للوضعية الجبائية للخاضعين للضريبة في مشروع قانون المالية 2020.
بعد ذلك تم فتح المجال أمام مداخلات الحضور في إطار مناقشة عامة لمختلف مداخلات السادة الأساتذة، والذي تميز بنقاش عميق سبر أغوار مختلف مواد مشروع قانون مالية 2020.
وكان منظموا هذه الندوة العلمية قد اعتبروا من خلال ورقة تقديمية بأنها تأتي في سياق تواصل الدينامية التي تقودها المؤسسات الجامعية، وفاعليتها ضمن مخاض التحو لات المجتمعية، لذلك تم الاستقرار على تخصيص يوم دراسي أكاديمي، يتم من خلاله مقاربةالعديد من الجوانب المرتبطة بمشروع قانون المالية، انطلاقا من التساؤلات التالية:
– ما أهم المستجدات التي جاء بها مشروع قانون المالية لسنة 2020 ؟
– ما سياقاته الجارية، وطنيا ودوليا؟
– ما جديده مقارنة بالسنة الماضية؟
– ما مدى مواكبة المشروع للتحولات الاقتصادية، والاجتماعية والمجالية التي يشهدها المغرب؟
– هل حاول المشروع إقرار مقتضيات ترفع من نسبة النمو والاستهلاك الداخلي، ودعم الطبقات الاجتماعية الهشة والمتوسطة، أم عاود اجترار منطقه المحاسباتي والمحافظة على التوازنات الماكرو- اقتصادية؟
– إلى أي حد تعكس مقتضياته مناخ إعادة الثقة للمجتمع وللفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين؟ هل فعلا تعكس أرقام المشروع ثقة الحكومة في المستقبل، في ظل تراجع معدل الطبقة المتوسطة وتقلصها؟
– أي ترابط بين عناصر ثالوث: المالية العمومية، المديونية، الخيارات الاقتصادية؟
– وأخيرا، هل نحن أحرار في خياراتنا الأخيرة؟
واعتبرت الورقة التقديمية للقاء العلمي، بأن قانون المالية السنوي يكتسي أهميته القصوى، ليس باعتباره إطارا ماليا ومحاسبيا يراد من خلاله ضمان التوازن بين موارد الدولة وتكاليفها، بل يعكس في فلسفته سياسة هذه الأخيرة، وتحديد خياراتها الاقتصادية، والاجتماعية، ومختلف التوجهات العامة لمشاريع التنمية، إن على المستوى الوطني أو الترابي/المحلي. كما أن واقع هذه الخيارات لا ينأى عن دائرة الحياد، بل هو محكوم دوما بمنطق الصراع السياسي داخل الدولة.
وضمن هذا المنظور/التوجه العام، يأتي مشروع قانون المالية لسنة 2020، ليعكس لا محالة سياقا عاما ينتظم ضمن مستويات متعددة ومتداخلة، اقتصادية، واجتماعية ومجالية، تتسم بمتغيرات داخلية وخارجية تفرض وجودها.
فمشروع قانون مالية 2020، وارتكازا على منشور رئيس الحكومة رقم 2019/13 بتاريخ 9 غشت 2019، حول موضوع “إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020″، الذي يعد مرجعا توجيهيا لإعداد مقترحات القطاعات، جاء متضمنا لمختلف التوجهات الكبرى المتحكمة في إعداد هذا المشروع، منذ إقرار التعديل الدستوري لسنة 2011 كما أشارت إلى ذلك الفقرة الأولى من نفس المنشور. ولعل ضمنها مجموع الأولويات التي تبوأت مكانتها في متن منشور رئيس الحكومة، ومن ضمنها:
–مواصلة دعم السياسات الاجتماعية؛
–تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية وإرساء آليات الحماية الاجتماعية؛
–إعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة من أجل رفع وتيرة النمو وإحداث فرص الشغل؛
–مواصلة الإصلاحات الكبرى عبر:
– إصلاح منظومة العدالة؛
–تعزيز منظومة النزاهة ومواصلة محاربة الرشوة؛
–التقدم في تنزيل الجهوية المتقدمة وإرساء منظومة التعاقد مع الجهات؛
–تنفيذ ميثاق اللاتمركز الإداري؛
–استمرارية تحديث الإدارة العمومية…إلخ
وانطلاقا من العناصر المشار إليها، وطبقا للمادة الثالثة والثلاثين من القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 13-130، قامت الحكومة بوضع مشروع قانون المالية لدى مكتب مجلس النواب قبل 20 أكتوبر الماضي، التي انطلقت مناقشته العامة يوم 25 من نفس الشهر، لتتم بعد ذلك إثارة نقاش مستفيض من قبل مختلف الفاعلين والباحثين والمهتمين، كل من زاوية اهتمامه، ليعكس ذلك نوعا من الثراء والتجاذب حوله
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=216
عذراً التعليقات مغلقة