أسدل الستار على دورة فبراير للمجلس الجماعي لسطات، بمناقشة والمصادقة علي نقطة غير خاف أنها شكلت خلال الولايات الانتدابية السابقة والولاية الحالة صداع رأس بالنسبة لمسيري الشأن المحلي، الأمر يتعلق بدعم مشاريع الجمعيات.
يمكن تلخيص مناقشة هذه النقطة بعيدا عن المبالغ الممنوحة والجمعيات المستفيدة، بمداخلة قصيرة تقدم بها لحسن الطالبي عضو المجلس الجماعي وأحد صقور المعارضة، حين استدار نحو مجموعة من ممثلي الجمعيات الحاضرة بالقاعة، وخاطبهم بالقول بأن أدوارهم أكبر من مجرد الحضور خلال الجلسة التي تناقش توزيع الدعم على جمعياتهم، وطلب منهم مواكبة تسيير الشأن المحلي وحضور جميع الجلسات حتي يكونوا على دراية بما يجري وحتي تكون لهم القدرة على التفاعل مع مستجدات الجماعة، وحتى يقوموا بدورهم الترافعي حول القضايا التي تهمهم كفعاليات تشتغل في الحقل الجمعوي.
ملاحظة ذكية للغاية، فعلاقة الجمعوي بمدبر الشأن المحلي لا تنحصر في تسلم الدعم، بل يمكن اعتبار المجتمع المدني شريك لا غنى عنه في تنمية المدينة، بل إنه (الفاعل الجمعوي) ضمير المدينة، والحارس الفطن والأمين لمستقبل أجيالها، فالمسيرون يتعاقبون، واليوم من يترأس الجماعة قد يتخد غدا مقعدا الى جانب الذين يتابعون، أما الجمعوي فإنه يكرس استمرارية الملف المطلبي الملح على طاولة المجالس المتعاقبة.
طبعا انفق أعضاء المجلس أكثر من تلاث ساعات في نقاش المبالغ المستحقة للجمعيات، وكلها صراحة تستحق الدعم لدورها الكبير مع استثناءات قليلة جدا، بل إن جمعيات أخرى رائدة تستحق أيضا لكنها لم تضع طلبها من أجل الدعم، لكن السؤال الذي يجب أن يجيب عليه المجلس أغلبية ومعارضة، وتتأمل فيه جيدا الجمعيات ممنوحة وغير ممنوحة، “إلي أي حد تساهم هذه الاموال المقتطعة من ميزانية الجماعة في تحقيق الأهداف المرصودة؟”
الإجابة تستلزم الكثير من الشجاعة السياسية والأدبية بل وحتي الأخلاقية، فالصيغة التي يتم توزيع الدعم بها اليوم لا يمكن أن تحقق المرامي المنشودة، لسبب بسيط هو أن هذه الأموال توزع دون رؤية استراتيجية لا يمكن أن يستوعبها سوى دفتر تحملات محدد بالأهداف والوسائل، دون ذلك فكأنما نزرع ريح الريع ولن نحصد سوى عاصفة الاختلالات.
من النقط الخلافية شبه الدائمة في موضوع التعاطي مع جمعيات المدينة، هو المسافة بين الحزبي والجمعوي، السياسي والمدني، الانتخابوي والجدي، وهو معطى لا يمكن الحسم فيه، فالتدافع السياسي بالمدينة والمغرب ككل لا زال لم يبتكر آليات تحفظ لمؤسسات المجتمع المدني استقلاليتها وحيادها السياسي، وبالتالي فلم يعد مجديا اليوم الصراخ بكون جمعية أ هي دراع جمعوي للحزب ب، المطلوب الانكباب أكثر على كيفية تعزيز قدرات الجمعيات التي تشتغل بمنطق جمعوي صرف وحياد سياسي مطلق، ذلك لن يتأتي الا بضبط مجال تدخل هذه الجمعيات حتى لا تحيد عن دورها أو علي الأقل مراقبة الأموال التي تقدم سنويا ومدي ملامستها للهدف الذي من أجله تم تقديم الدعم.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=316
عذراً التعليقات مغلقة