عاشت مدينة سطات بعد زوال أمس الأربعاء ساعات عصيبة إن لم نقل أصعب ساعات في تاريخها. وتحولت منصات التواصل الاجتماعي الى ساحة لاجترار الاشاعات والسيناريوهات السوداء، وتتبع المغاربة داخل وخارج أرض الوطن خصوصا من لهم عائلات وأقارب بالمدينة الوضع وأياديهم علي قلوبهم، حتى أن هاتف الجريدة لم يتوقف عن الرنين خصوصا من أبناء الجالية الذين يستفسرون عن تطورات الأمور.
بدأ الأمر بصور خرجت من داخل جدران مستشفى الحسن الثاني !! وتلتتها تدوينات لأشخاص أغلبهم ممددون على أرائكهم ببيوتهم أو جاثمين فوق كراسي مقاهي المدينة، والجميع يلوك نصا رديئا حول كورونا بسطات. فخ سقطت فيه حتى بعض وسائل الاعلام المحلية وبعض المؤثرين (بين مليون قوس) علي الفضاء الأزرق.
كان للمعلومة الصحيحة مسارا خاطئا في الطرح وفي الوصول لأغلب المواطنين، والعديدون قفزوا بسرعة على كلمة “يشتبه” وركزوا على “إصابته بمرض كورونا” وهو أمر لا يمكن أن نلوم عليه دائما القراء والمتتبعين ببساطة لأن عنصر التحسيس كان غائبا حتي أن المعلومة الطبية منعدمة وحل محل كل ذلك كم هائل من ال”فاك نيوز”.
صحيح أننا شهدنا تعبئة شاملة في صفوف السلطات المحلية والدرك والأمن ومصالح وزارة الصحة، ورأينا السرعة الفائقة التي تم نقل المشتبه في إصابته الي الدار البيضاء من أجل الخضوع للاختبارات الطبية الضرورية، لكن ذلك لا يمنع من تسجيل بعض الملاحظات والتي تسببت في العديد من الانزلاقات على مستوى التواصل مع الساكنة.
كان هناك إحساس بالارتباك الناتج عن عنصر المفاجأة في العملية ككل، فبين ملاحظة الطبيب لارتفاع حرارة المريض بشكل غير طبيعي ومعرفته بكون المعني بالأمر مهاجر مغربي بالديار الايطالية قدم مند يومين للمغرب، والبروتوكول المعمول به بتعليمات من مديرية الأوبئة بوزارة الصحة صارم في هذا الأمر حين يتعلق الأمر بوافد من منطقة تعرف تفشيا للمرض، وهنا كان على المديرية الإقليمية للصحة أن تخرج ببلاغ توضح فيه هذا الأمر، وتخبر الساكنة بأن الاجراء هو فقط احترازي، عوض ترك الحبل على الغارب داخل فضاءات النقاش العمومي.
من النقط غير المضيئة فيما حدث هو تلك الصور والفيديوهات التي خرجت من داخل جدران المستشفى، والتي لن يلتقطها غير أشخاص مخول لهم قانونا التواجد بعين المكان أطباء وممرضين وممرضين متدربين واداريين وأعوان حراسة، فبم فكر هؤلاء وهم يضغطون زر ارسال الصور للعالم الخارجي دون توضيح لماهيتها، وكيف نلوم من يرى لأول مرة في حياته تلك الطقوس الخاصة في عزل المرضى ونقلهم ومرافقتهم بتلك الأزياء الخاصة، ويذهب بتفكيره الى أن تمة خطب حدث، ألم يكن من الممكن التعامل باحترافية أكثر خصوصا وأن الحالة هي فقط شك وليست إصابة مؤكدة، الى يستوجب الأمر تحقيقا داخليا لمعرفة من ارتكب هذا التجاوز؟.
ربما كنا أول جريدة على المستوى الوطني تكتب بأن “لا كورونا بسطات هدوء من فضلكم”، وانخرطنا في حملة إعلامية قوية لطمأنة الرأي العام المحلي، وطرقنا جميع الأبواب من أجل انتزاع تصريح رسمي يقنع من بقي مترددا رغم تأكيداتنا استنادا لمصادر مطلعة رفضت الكشف عن هويتها. وبقينا علي اتصال بمديرية الأوبئة لوزارة الصحة حتى خرجت نتائج التحليلات سلبية وتنفس الجميع الصعداء ونشرنا الأمر قبل حتي بلاغ وزارة الصحة في الموضوع، لكن هذا المسار الشاق في ظرف استثنائي كان مرهقا للغاية، فما الذي كان يمنع انشاء خلية تواصل علي المستوى الإقليمي يكون هدفها تقديم المعلومة الصحيحة والتصدي للأخبار الزائفة والتي تسهم في ترويع المواطنين.
فيروس كورونا أو غيره من الفيروسات والأمراض قادر على الوصول الي أي رقعة في العالم والجدار الأمامي للتصدي له لن يكون غير وعي مدني قوي يقتل الاشاعة في مهدها، يوفر المعلومة، يترفع عن القيام بالتصرفات الصبيانية التي تؤجج قلق المواطنين. والأهم يوفر مناخا للتعاون والتكاثف بين المواطنين ومختلف المصالح من أجل عزله والقضاء عليه.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=319
عذراً التعليقات مغلقة