قبل عامين من الآن لم تكن الأنفاق التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لمواجهة العدوان الإسرائيلي تلقى نفس الاهتمام والمتابعة الحالية كونها سلاحًا لم يُختبر بشكل فاعل في ميادين الاشتباك المباشر مع الاحتلال؛ إلا أن عدوان صيف عام 2014 كشف النقاب عن دورها وأبرزها للواجهة بكونها سلاحًا نوعيًا ناجعًا.
وقد حرصت المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب القسام، على اعتماد سياسة الإخفاء والتعتيم حول كل ما يتعلق بهذا السلاح الاستراتيجي، ونجحت نجاحًا لافتًا في حجب المعلومات عن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وعملائه، ما جعله يتخبط حول أعدادها وأماكنها وطبيعتها.
عمليات نوعية
وخلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة صيف عام 2014، نفذّت كتائب القسام عددًا من عمليات الإنزال خلف خطوط العدو واقتحام مواقعه العسكرية باستخدام “الأنفاق”، لعلّ أبرزها اقتحام موقع “ناحل عوز” العسكري شرق مدينة غزة، وعملية موقع “16” شرق بيت حانون، وعملية اقتحام وتدمير موقع “أبو مطيبق” شرق المحافظة الوسطى، وجميعها أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات من جنود الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على رؤوس قيادة الاحتلال السياسية والعسكرية ما أعلنت عنه كتائب القسام عن تمكنها من أسر الجندي أسر الجندي شاؤول آرون شرق حي التفاح بغزة، إضافة لعملية إسناد موقع “صوفا” شرق رفح التي أعلن فيها الاحتلال فقدان الاتصال بالضابط “هدار جولدن”، وذلك رغم تفعيل الاحتلال لـ”إجراء هنيبعل” الذي يتيح له استهداف جنوده وقتلهم حتى لا يقعوا أسرى لدى المقاومة.
كما استخدمتها المقاومة الفلسطينية الأنفاق في إخفاء منصات الصواريخ وقذائف الهاون، الأمر الذي حجب إصابتها وتدميرها بصواريخ الطائرات الحربية الإسرائيلية، ومنح المقاومة القدرة على قصف المدن الإسرائيلية حتى اللحظات الأخيرة من إعلان اتفاق التهدئة.
سلاحٌ خُضبّ بالدم
هذا السلاح الاستراتيجي الذي أبرزت معركة “العصف المأكول” قدرته ونجاعته في المواجهة لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتاج سنوات طويلة ومرهقة جدًا من الإعداد والتجهيز والتخطيط، قدّمت خلالها المقاومة عشرات الشهداء.
ولم تصدر أي من فصائل المقاومة الفلسطينية إحصائية تذكر أعداد الشهداء الذين ارتقوا خلال عمليات حفر الأنفاق.
ومع تعاقب الليل والنهار، تواصل المقاومة الفلسطينية تنفيذ خططها العسكرية وزيادة استعداداتها لأي مواجهة مقبلة مع العدو الإسرائيلي، ويودّع مقاتلوها ملذات الدنيا ويقضوا الساعات الطوال في باطن الأرض، يضربون الصخر ويشقون طريقهم وسط الرمال بسواعدهم العارية ومعاولهم البسيطة، وكلهم يقين بعظيم جهدهم وأهمية عملهم ودوره في استراتيجية المقاومة والتحرير.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=950
عذراً التعليقات مغلقة