يا زائر مدينتي، إذا ما قادتك الاقدار ذات مرة، وأنت تحط الرحال بعروس الشاوية مدينة “سطات”، يجب أن تعلم أنه سيصعب عليك أن تصدق، كيف يصبر سكان هذه المدينة، على هذا الكم الهائل من المحن، خصوصا بوسط المدينة، ففي “زنقة الذهيبية” أو “ساحة محمد الخامس”، قرب قيسارية “الشاوية” سابقا، وهناك بزنقة “خالد” ابدا لا يتوقف ضجيج الباعة المتجولين.
أيها الزائر إن الطامة الكبرى هي عندما يسدل الليل ستائره على المدينة، تحديدا حينما يشرع البائعون الجائلون، في جمع سلعهم، آنذاك تبدأ معالم الشارع تتبدى وتظهر، إذ يتحول المكان المذكور إلى “مزبلة” حقيقية، ويصير معه المنظر العام مقززا لا يطاق، تفوح من أرضيته المبللة روائح تزكم الأنوف، فهنا على الرصيف، وهناك على قارعة الطريق، تختلط المتلاشيات بالمياه الآسنة، حينها يلزمك أن تسير على أطراف أصابعك، كي تتجنب التصاقها بالثياب.
وفي هذا الصدد، فكلما توغلت أيها الزائر بالمدينة أكثر، اكتشفت مزيدا من “العفونة”، ومزيدا من الأزبال والمناظر “البشعة” تلك الأزقة الضيقة لمدينة سطات، هي الأخرى حالها يغني عن سؤالها، زد على ذلك الحالة المتردية لواجهتها، وقسمات وجوه بعض ساكنة سطات تنطق بؤسا وفقرا ، معشر الذين عانوا من تقلبات الزمن .. في مكان آخر، وعلى جانب حديقة البلدية، ثمة بضعة كراس حديدية صدئة مخصصة للمشاة يظهر من شكلها أن فرشات الصباغة لم تمر عليها منذ زمان، المكان في منتصف الليل يبدو مقفرا، أرضيته نثنة تنبعث منها روائح كريهة، في إحدى الساحات ثمة ضريح الوالي الصالح “سيدي لغليمي”، ضريح شاهد على “الاهمال” الذي يطال المكان، وقصبة تاريخية انهار جزء منها، دون أن يبادر أحد إلى ترميمه، ربما في انتظار أن تنهار القصبة التاريخية بالكامل.
أيها الزائر، إن عدد البائعين الجائلين وسط مدينة سطات، الذي اتخذوه مستقرا لهم، يصل إلى قرابة 700 بائع حسب تقديرات أحد أبناء المدينة، ذلك أن السلطات عاجزة عن تطهير المدينة منهم، وأن المرة الوحيدة التي نجحت في ذلك، كانت عهد المجلس البلدي السابق، حينها استعانت السلطات بقوات عمومية مكثفة، لكن في هذه الولاية، عاد البائعون الجائلون للاحتلال أماكنهم، دون أن يجرؤ أحد على الاقتراب منهم، لكونهم يشكلون كتلة انتخابية مهمة، يسعى بعض المنتخبين إلى إرضائها.
أيها الزائر، عندما تنهي جولتك بالمدينة البصراوية، وترى كل هذه المشاهد “البشعة”، لا بد انك ستعيد التفكير ألف مرة، قبل العودة لزيارة مدينة سطات مرة أخرى، لكن فلتعلم أن طيبوبة الساكنة السطاتية، ستعاود قيادتك نحو المدينة، على الأقل كي تكتشف ما إذا كان المدبرون للشأن المحلي قد قرروا رفع الأذى إكراما واعتبارا للسطاتيين المستحقين لفضاء عيش أرقى من هذا .
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=1759
عذراً التعليقات مغلقة