واصل ماستر المالية العامة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بسطات، الثلاثاء الماضي، سلسلة لقاءاته العلمية، بتنظيم ندوة “المقاربة التشاركية في اعداد الميزانية العامة للدولة”، نشطها الأستاذ “احمد جزولي” الخبير العام لدى عدة منظمات دولية في الحكامة الديمقراطية والسياسات العمومية.
والاستاذ “احمد جازولي” هو دكتور في الحقوق ويشهد له بالكفاءة والتجربة، حيت يعمل كخبير عام لعدة منظمات دولية في الحكامة الديمقراطية، إضافة الى اشتغاله مع عدة منظمات دولية، من بينها برنامج الامم المتحدة للإنماء والإتحاد الاوروبي، وكذا الوكالة الامريكية للتنمية الدولية. إضافة الى عمله بعدة جامعات ومعاهد عليا، منها جامعة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية. وصدر له ايضا عدة مؤلفات باللغة العربية والإنجليزية، كمؤلف ‘الاسلام والديمقراطية والحكامة’ ، ثم مؤلف ‘الاحزاب السياسية أدوات السلطة في مجتمع التغيير’ ، بالاضافة الى مشاركته ايضا في العديد من المؤلفات الجماعية، نذكر منها على سبيل المثال ‘دور البرلمان في الميزانية العامة’ وأخر عمل صدر له كان في موضوع ‘الحكامة في الميزانيات مدخل للنموذج التنموي’.
وافتتح اللقاء الدكتور “محمد بوجنون” استاذ التعليم العالي ومنسق ماستر المالية العامة، بكلمة عبر من خلالها عن شكره للأستاذ المحاضر “احمد جزولي” لتلبيته الدعوة، ورحب ايضا بالسادة الاساتذة والطلبة الحاضرين .
تناول بعد ذلك الكلمة الأستاذ “مصطفى المريني”، دكتور في الحقوق، قدم من خلالها الأستاذ المحاضر “احمد الجزولي” ، ومهد لموضوع المحاضرة باعتباره يتناول دمقرطة الميزانية العامة والدعوة الى تكريس واعمال المبادئ العامة المتعلقة بالديمقراطية التشاركية في اعداد الميزانية العامة للدولة، منها على الخصوص، اعمال الحكامة الجيدة، وأكد ايضا بأن دستور 2011 وكذا القانون التنظيمي رقم 130-13 لقانون المالية والذي شكل قفزة نوعية في مسار اعمال الحكامة الجيدة وتكريس الشفافية على مستوى اعداد الميزانية العامة للدولة، وكذا تجويد نجاعتها. واعتبر ايضا بان القانون التنظيمي شكل قطيعة مع القوانين التنظيمية السابقة لقاوين المالية، معبرا عن الطفرة النوعية التي عرفها في تدبير المالية العمومية بالمغرب.
وبعد ذلك تناول الاستاذ المحاضر “احمد جازولي” الكلمة نوه في بدايتها بالمجهودات القيمة المبذولة من طرف السيد “محمد بوجنون” منسق ماستر المالية العامة، الذي يسهر على تنظيم مثل هذه الندوات واللقاءات العلمية القيمة، والتي ما فتئت تغني النقاش العلمي، خاصة حول المالية العمومية بالمغرب.
وأكد الأستاذ المحاضر من خلال مداخلته مبدئيا على تكريس مبدا الحكامة الجيدة وكذا المشاركة الشعبية، من أجل نجاعة الميزانية العامة للدولة ، نظرا للتحول الذي عرفته المالية العمومية خلال مرحلة ما بعد دستور 2011 وكذا القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 130-13 الذي حث في مقتضياته البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات، حيث يقول الاستاذ بأن هذا التحول على مستوى البرمجة الميزانياتية، سيكون لها وقع ايجابي خاصة على مستوى نجاعة اداء الغرض المنوط بالميزانية العامة للدولة، وكذا التخفيف من ثقل اشتغال السلطة التنفيذية، وعلى رأسها وزارة المالية على الخصوص، وكذا السلطة التشريعية والدور القوي الذي تقوم به هذه الاخيره، على مستوى الدراسة والتصويت ثم المصادقة على الميزانية العامة للدولة .
وشدد السيد “احمد جزولي” على ضرورة اعمال الاليات التشاركية في اعداد الميزانية العامة، والذي يشكل ركيزة أساسية ومحورية في حكامة وشفافية الميزانية العامة للدولة واستحضر في مداخلته التجربة البرازيلية حول اعمال الية المشاركة الشعبية والتي منحت للمواطنات المواطنين للمشاركة في اعداد الميزانية العامة للدولة، ويقول بان هذه التجربة حققت اشواطا مهمة في تجويد الميزانية عبر الأداء الجيد والحيوي للميزانية العامة ،هذا من جهة ،ومن جهة اخرى تحسن الوضع على مستوى الاقتصاد وكذا دعم الموارد المالية للميزانية بالاضافه الى مراقبة ترشيد النفقات العامة ثم تلبية حاجيات ومتطلبات المجتمع الذي ما فتحت تشكل الشغل الشاغل للدول.
واشار ايضا الاستاذ “احمد جازولي” الى أن القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية، بعيد شيئا ما عن مقتضيات الحكامة الجيدة المكرسة في دستور 2011 والمرتكزة على اسلوب التدبير بمنطق النتائج وليس التدبير بمنطق الوسائل، مشيرا ايضا على أن المشاركة الشعبية وكذا الشفافة لمشاركة للمجتمع في اعداد الميزانية العامة للدولة، يساهم بشكل او بأخر في تموقع المغرب عالميا في مراتب متقدمة على مستوى الشفافية من جهة، ومن جهة اخرى على مستوى المشاركة الشعبية في اعداد الميزانية العامة، وكذا جلب ثقة المستثمرين من اجل الإستثمار داخل المغرب والرفع من نجاعة الاقتصاد الوطني وانفتاحه على السوق الاقتصادية الدولية.
وأشار الاستاذ المحاضر “احمد جزولي” في هذا الصدد ايضا الى أن المغرب عرف تطورا ملحوظا على مستوى الشفافية والمشاركة الشعبية وكذا مراقبة الميزانية على المستوى العالمي، حيث عرف المغرب خلال سنة 2006 ما نسبته 19% على مستوى الشفافية، ثم سنة 2008 إنتقلت النسبة إلى 28%، إلي ان بقيت النسبة مستقرة إلى حدود 2010، فيما انتقلت الى 38% خلال سنتي 2012 و 2015، و في المقابل حقق ايضا المغرب تحسن ملموسا خلال سنة 2017 ما نسبته 45% والطموح لا زال ايضا جاريا من اجل الظفر بأعلى معدل وبأعلى مرتبة ضمن المراتب العالمية في اعمال الشفافية وكذا المشاركة الشعبية ،بالاضافه إلى مراقبة الميزانية العامة للدولة.
وفي ختام هذه الندوة العلمية، طرح الاستاذ “احمد جزولي” عدة مبادئ لإعداد الميزانية العامة للدولة، وعلى راسها الرفع من مستوى الشفافية المشاركة الشعبية، ثم كذلك لابد من دراسة قبلية كافية لإعداد الميزانية العامة، بالاضافة الى الحرص على صياغة سياسات قوية وناجعة حول تحسين اداء موارد الدولة وترشيد نفقاتها ،ودعا ايضا الى القطع التام مع مبدأ عجز الميزانية، والذي يخلق مشاكل عدة، خاصة على مستوى التنمية الاقتصادية ودعم الاستثمار وكذا التقليص من تلبية حاجيات ومتطلبات المجتمع بكل مستوياتها سواء (التعليمية او الإجتماعية او الصحية). واعتبر كذلك بان هذا المبدأ يشكل بمثابة منطق كلاسيكي، ويضيف أيضا بأن التجربة الألمانية صادقت على القطع مع مبدأ عجز الميزانية، بالإضافة الى ضرورة التقائية البرامج وانسجامها و نجاعاتها من أجل اداء الغرض المنوط بها.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=178
عذراً التعليقات مغلقة