الساعة السابعة مساء، المكان: المركز الثقافي لكنانط، القاعة مملوءة عن آخرها، والمنظمون أنهوا آخر اللمسات لافتتاح عرسهم الفني” المهرجان الوطني للفكاهة”.
أضواء القاعة الخافتة لم تخف غياب أصحاب ربطات العنق من مسؤولي المدينة، لا جماعة سطات من رئيسها السيد عبد الرحمان العزيزي الى آخر أو أصغر عضو فيها حضرت رغم أن الملصق الاشهاري عليه “لوغو” المجلس كشريك، ولا العامل أو الباشا حاضرا فقط السيد معاوية رئيس الدائرة وقائد المقاطعة الحضرية الثانية، وقائد المقاطعة الحضرية السادسة الذي حضر كمتفرج أكثر منه كمسؤول.
هذا الغياب للطبقة المخملية (بين مليون قوس) بمدينة سطات، لم يبد أنه أزعج الحضور أو حتي المنظمين، لكن لحظة اعتلاء شاب من مواهب سطات وهو “أحمد حسني” مدير المهرجان، لمنبر الخطابة، كشفت كل شيئ عن معاناة جيل كامل من المبدعين، فالولد من فرط الضغوط النفسية عليه استثمر ثواني كلمته الافتتاحية من أجل أن يقول أمرا واحدا ” نحن هنا رغم سوط الإهمال..” وكفى ..
كلمة “أحمد حسني” الافتتاحية ظلت وفية لطقوس السخرية السوداء من حظ هؤلاء الشباب الذين تفتحوا في تربة تصر علي لفظهم، على التنكيل بهم وعلى قتل روح المبادرة لديهم.
صفق الجمهور كثيرا “لأحمد حسني” وانغمسوا في تتبع طبق دسم من العروض الفكاهية والتي سخرت من كل شيئ، لكنها لم تزح المهرجان ككل من أكثر الأمور مدعاة للضحك حد البكاء.
اعتلى المنصة أحد رواد التمثيل المغربي، هرم من أهرامات الفن، أيقونة الفكاهة العائلية، سي محمد الجم، والذي صفع مسؤولي المدينة مرتين، الأولى حين قبل دعوة شباب في عمر الزهور يتلمسون طريق الابداع من مدينة صغيرة اسمها سطات، في وقت فضل المسؤولون الاحتماء ببطانياتهم الدافئة ومعاقرة كؤوس الشاي الساخنة عوض الوقوف في نشاط يمثل أحد أوجه إشعاع المدينة، والمرة الثانية حين توجه سي محمد الجم بنقد صريح لتعاطي مسؤولي سطات مع الشأن الثقافي والفني، “هاد القاعة ما خاصش يطفى فيها الضو .. خاص دعم الشباب.. ماشي معقول سطات ما يكونش عندها فنانين ومبدعين بسباب الإهمال ..”، وهكذا التحق سي محمد الجم بكل تاريخه الفني ومكانته الاعتبارية الي دائرة المتشائمين أو المتربصين بمسؤولي سطات، أو العدميين الذين لا يرون الا النصف الفارغ من الكأس، التحق ربما بجوقة ” أخبار سطات” المفترية وبكل الفنانين والمثقفين والجمعويين الذين يصرخون كفى عبثا بحاضر ومستقبل سطات.
تسلم “الجم” تذكارا بسيطا وشكر المدينة لحفاوة الاستقبال، أو ليست المدينة هي هذا الشباب الجميل المفعم بالأمل، فليلتحف مسؤولونا بطانياتهم وليستمروا في سباتهم، فالأمل حبة قمح مزروعة في صدور هؤلاء الطيبين من أبناء المدينة.
انتهت عروض مبهرة لشباب مبدع قدم من داخل وخارج أرض الوطن، ليقدم وصلات فكاهية انتزعت اعجاب الحاضرين، وتنفس “أحمد حسني” وفريق عمله الصعداء بعد النجاح الباهر للمهرجان، لكن في حلقه غصة، وهو الذي لن ينسى كيف تم التعامل معه كمتسول وهو يطلب احتضان المهرجان ودعمه..
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=197
عذراً التعليقات مغلقة