بقلب مدينة سطات النابض، وعلى واجهة أكبر شارعين بالمدينة، علي بعد أمثار من مدارتي التحوليل للطريق الوطنية في اتجاه مراكش والبيضاء، ومدارة اتجاه الطريق السيار والبروج، وعلى بعد سنوات ضوئية من الاهتمام ومن العناية، تتواجد المحطة الطرقية لمدينة سطات، أو لتسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية تتواجد أطلال محطة المسافرين بسطات.
كل شيئ يوحي بأن رواد المحطة أمام بناء عشوائي يفتقد لمقومات مرفق أريد له أن يشكل مشهد افتتاحيا لزوار المدينة، يعبر عن وجهها الحضاري، لكن بعد عقود من التسيير العشوائي تحولت الى مسخ حقيقي يرتقي لدرجة “النقطة السوداء”
الأطلال ترحب بزوار سطات ..
جدران مهدمة، وصور لم يعد له غير الاسم، بوابة تحدت عوامل الزمن وبالكاد تسمح لبعض الحافلات بالدخول والخروج، أما البوابة الثانية المطلة على “طريق كيسر” فتلك حكاية أخرى، بعد أن تفتقت عبقرية مخططي المدينة لجعلها “ميتة” فتم هدمهما وبقية أطلالها شاهدة على عبث “مهندسي” التخطيط لمدينة سطات.
محطة المسافرين سطات، حولها مجلس العزيزي لمنفى لبعض الأكشاك التي تم ازالتها من وسط المدينة، وحولتها سياسة اللامراقبة والإهمال لنقطة سوداء يعاقر فيها المنحرفون ما طاب من كحول ومسكرات، تحولت باحتها الداخلية والتي صممت بهندسة تعتبر الأحدث سنوات السبعينيات من القرن الماضي، الى فندق يرتاح فيه المشردون ويقضي بعض المنحرفين فيه النهار استعداد لليلهم الصاخب، محطة نبتت بها المحلات التجارية كالفطر دون أن تنعكس مداخيلها إن كانت لها مداخيل على تسيير المحطة.
محطة كل شيئ فيها يقول بأنها قطعة من اللامعنى، فلا هي تؤدي وظيفة نقل المسافرين بعد أن استحوذ على هذا الدور محطتي بنزين بالمدخل الشمالي المدينة، ولا هي تحفظ ماء وجه مدينة كانت في ما مضى سباقة لكل شيئ.
حوالي نصف قرن من “التواجد” ..
في سنة 1976 تأسست شركة مجهولة الاسم، لتدبير المحطة الطرقية بمساهمة أرباب النقل للمسافرين والمكتب الوطني للنقل، بصفته القطاع الوصي، وكذا المجلس الاقليمي، حيث تم إنجاز الشطر الأول من المحطة سنة 1977، على مساحة عشرة آلاف متر مربع من أصل مساحة إجمالية تقدر بهكتارين و17 آرا، وهي في ملك الشركة بمقتضى الرسم العقاري عدد 1972.
وضم الشطر محلات تجارية ومكاتب إدارية وأخرى مخصصة لشبابيك الشحن، بالإضافة إلى وقوف الحافلات بجميع أنواعها، وتم تدشينها بتاريخ 3 مارس 1981، وتسيّر الشركة من طرف الرئيس المدير العام وباقي الشركاء والمساهمين.
وقد تم تحقيق نتائج إيجابية في بداية اشتغالها، خاصة بعد مساهمة أرباب الحافلات بنسبة 60,62 في المائة، والمجلس الإقليمي لسطات بنسبة 27,11 في المائة، والشركة الوطنية للوجيستيك بنسبة 15,27 في المائة.
تسيير معقد حد الاشتباك..
يسير المحطة الطرقية بسطات مجلس اداري مشكل من ممثلي النقالة (ارباب حافلات النقل) والمجلس الإقليمي لسطات، إضافة وزارة التجهيز والنقل باعتبارها القطاع الوصي، وتذهب أغلب أسهم الشركة المسيرة للنقالة مما خول لهم التسيير، لكن العديد من العوامل جعلت تسيير هذا المرفق يرمي بها للهاوية، فتجميد اجتماعات المجلس الإداري لسنوات طويلة، وعشوائية القرارات التي كان ينفرد بها الرئيس، وكذلك تعقد تشكيلة المجلس الإداري بسبب وفاة أغلب الأعضاء وعدم القدرة على استيفاء النصاب القانوني لعدم تقدم الورثة من أجل تعديل الأمور، وكذلك تراجع جادبية المحطة واستقطابها للحافلات العابرة للمدينة، واعتماد بعض الحافلات على محطات البنزين تهربا من أداء الواجبات المحددة لاستعمال المحطة، كلها عوامل ساهمت في انهاء وظيفتها، وتحويلها لأطلال مهجورة.
وعاء عقاري يسيل لعاب أباطرة العقار..
يري بعض متتبعي الشأن المحلي بأن الإهمال الذي تعرضت له المحطة الطرقية لسطات، كان مقصودا من أجل نقل مكانها الى ضواحي المدينة، وهو ما سيوفر عقارا وسط المدينة يتجاوز الهكتارين، قد يشكل استثمارا قويا وخصوصا في الجانب العقاري، ولعل تجربة العديد من المدن في هذا الجانب تؤكد بالملموس بأن هذا هو التوجه الغالب بالنسبة للعديد من المجالس المنتخبة، وما يزكي هذا الطرح هو تركها تواجه مصيرها لعقود دون تدخل، حتي أن المجلس الجماعي يحاول في كل مرة النأي بنفسه عن قضيتها بداعي أنه ليس عضوا بمجلسها الإداري، لكنه لا يتردد في تعميق أزمتها بالأكشاك المرحلة.
مطالب بافتحاص مالية المحطة..
فجر الرئيس المدير العام لشركة المحطة الطرقية بسطات، قنبلة من العيار الثقيل حين طالب بإخضاع حسابات الشركة للافتحاص لوجود شبهات حولها، وأضاف من خلال عرض قدمه أمام أعضاء المجلس الاقليمي لسطات الملتئم في إطار احدى دورات المجلس الإقليمي خلال دورة يناير من السنة الجارية (2019) بأن الشركة كانت على حافة الافلاس بسبب التدبير السيئ والغير معقلن ، والذي تسبب في تراكم الديون عليها لدرجة عدم استطاعة الشركة على الوفاء بالتزاماتها للمستخدمين الذين لم يقبضوا أجورهم أكثر من 13 شهرا، و لبعض المؤسسات من بينها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ووكالة الماء الصالح للشرب.
واعتبر المتحدث ذاته بأن المحطة المتواجدة بموقع استراتيجي وسط المدينة تحولت إلى نقطة سوداء بفعل هجوم المتشردين عليها وتآكل مرافقها وبناياتها، إضافة إلى فوضى احتلال مرافقها من طرف الباعة الجائلين وبعض التجار، وتساءل حول عقود المحلات التي اكتراها منها بعض الخواص قبل أن يحولوها إلى نشاطات تجارية أخرى مخالفة لما جاءت به عقود الكراء، وأوضح بأن بعض المحلات تم تقسيمها لاستيعاب أكثر من نشاط تجاري وإعادة كرائها لأشخاص آخرين وبأثمنة كبيرة.
وحمل المدير العام مسؤولية حماية المحطة الطرقية إلى شريكيه، المجلس الاقليمي والمكتب الوطني للنقل إضافة إلى أرباب الحافلات، والذين يتقاسمون أسهم الشركة، مؤكدا بأن الجميع ملزم بالدفاع عن مصالحها، وعن تقديمها للخدمات التي أنجزت من أجلها، كمرفق يوفر خدمات النقل العمومي للمواطنين.
وطالب رئيس المجلس الاداري السلطات العمومية بتفعيل القانون بخصوص احترام الوعاء العقاري للمحطة الطرقية، وأعطى نموذجا بترحيل المجلس البلدي لمدينة سطات، لأحد الأكشاك إلى المحطة مع استعمال الإجبار في خرق لكل القوانين.
من جانبه اعتبر المصطفى القاسمي رئيس المجلس الاقليمي لسطات مساهمة المجلس وعضويته داخل مجلسها الاداري أمر يجعل الحرص على السير العادي لها وتحقيق الأهداف التي خلقت من أجلها يتصدر اهتمامه، ودعا إلى اجتماع موسع بحضور باقي الشركاء إضافة إلى السلطات المحلية والمجلس البلدي للمدينة من أجل الانكباب على حل المشاكل العالقة.
ترحيل المشكلة / المحطة .. مسألة وقت فقط
أفادت مصادر مقربة من القرار المحلي ل”أخبار سطات” بأن قرار الترحيل هو مسألة وقت فقط، وبأن مهندسي الشأن المحلي قد استقر رأيهم عند حي السلام غرب المدينة كمكان جديد للمحطة، وهو قرار ان تم اعتماده بشكل رسمي لا شك سيخلف وراءه جدلا كبيرا لا من طرف أرباب حافلات النقل آو التجار الذين استفادو من محلات تجارية داخلها بعقود قانونية.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=245
عذراً التعليقات مغلقة