الساعة الثامنة صباحا، بالكاد بدأت الخيوط الأولى لأشعة شمس الصباح تتسلل بين أغصان أشجار وافرة أحاطت بمركزية مجموعة مدارس “الكرايم” لؤلؤة ومنارة منطقة اولاد اسعيد من كل جانب، بالكاد بدأت الغيوم تنقشع من السماء تاركة المجال لصفاء جو كان تلامذة المؤسسة ينتظرونه بشغف طفولي لذيذ، كيف لا واليوم عيدهم، والمؤسسة كلها ركحهم لتقديم ما تدربوا على القيام به لأيام طويلة. حتى أن التلاميذ من مختلف الأعمار بدؤوا بالتقاطر على المؤسسة قبل الوقت المحدد للتجمع، وومضة الفرح داخل أعينهم تلمع بإشراقة أقوى حتى من الابتسامة العريضة المرسومة على أفواههم الصغيرة.
مرحى.. اليوم للاحتفال.. وللرسائل التوعوية أيضا ..
من خلال اللافتة المنصوبة أمام باب المؤسسة يتضح بأن هناك احتفالية خاصة باليوم الوطني للسلامة الطرقية، المثير للانتباه بأن برنامج الاحتفال تجاوز التحسيس الى استعراض ما تلقاه تلامذة المؤسسة في مجال التربية الطرقية، ليتبين بأن هناك مجهودا كبيرا تبدله الاطقم الادارية والتربوية لمجموعة مدارس الكرايم في ادماج قيم المواطنة داخل الزمن التدريسي بالمؤسسة على طول السنة، أما الصبيحة التربوية فقد تبين بأن المشرفين على الحفل تعمدوا بذكاء إهداءها للتلاميذ من أجل تقديم الدروس والرسائل ببراعة ودهاء للكبار من خلال النشيد والنكتة والمونولوج والمسرحية والاشارة، بل وحتى من خلال رمزية الأجواء العائلية بينهم وبين أساتذتهم.
كلمة السر : مدرسة متدامجة مع المحيط
في كل مرة تتفوق مجموعة مدارس الكرايم على نفسها وتقدم احتفالية أقوى من التي سبقتها، بنفس الحماس ونفس الروح التضامنية.
كمدرسة للتعليم العمومي، تعتبر “الكرايم” واحدة من المؤسسات التي وضعت برنامجا قارا للأنشطة الموازية، وتشتغل على مدار السنة على تقديم أنشطة للتفتح العلمي والثقافي والفني، ساعدها في ذلك كفاءة مديرها الأستاذ محمد المنفلوطي وأطقمها الادارية والتربوية، وإيمانهم برسالة التعليم واقتناعهم بضرورة مواكبة المتعلمين وتفجير مواهبهم وطاقاتهم ومنحهم فرصا لصقل شخصياتهم، وهو ما بدا واضحا من خلال تعامل التلاميذ مع الخشبة والمييكروفون والجمهور.
لا تخطئ العين في مشهد صناعة احتفالية التلاميذ هذه، جنودا يشتغلون كخلية نحل في الخفاء، يتحركون بتناسق وبدون كلام وكأنهم ينفذون سيناريو مكتوب مسبقا يحفظونه عن ظهر قلب، هم أباء وأولياء التلاميذ، هم ساكنة الدواوير المجاورة، يتطوعون عن طيب خاطر ولسان حالهم يقول بأنهم يقومون بأقل شيئ بإمكانه التعبير عن الامتنان لأساتذة وأطر المدرسة لما يقدمونه لفلذات أكبادهم.
العطاء بغزارة لا يقابله الا عطاء بلا حدود، تلك لازمة تميز جميع مكونات المدرسة، وهو سر انفتاحها على محيطها بل احتضانها من قبل المجتمع المحلي، حيث تحتل رمزية المدرسة مكانة لا تقل أهمية عن تمثل مكانة المسجد والمستوصف ومؤسسة العائلة.
الدرك الملكي شريك في نشر القيم النبيلة للمدرسة
بزيهم النظامي المميز وابتساماتهم العريضة التي تسللت بعذوبة لأعينهم بعد أن أخفتها الكمامات الطبية من على ثغورهم، حفت عناصر الدرك الملكي بسرية سطات هذه الاحتفالية، وقدمت صورة حضارية عن الالتزام الاجتماعي لجهاز يحظى بتقدير الجميع وينظر لعناصره كقدوات بالنسبة للبراعم والأطفال.
حضور عناصر الدرك بكثافة من أجل المساهمة في عملية التحسيس حول مخاطر الطريق شكل إضافة نوعية لبرنامج الصبيحة التربوية، واستدعاء نساء ورجال الدرك للقيم المشتركة داخل المجتمع وللتكامل المطلوب بين مؤسسات التنشئة والاجهزة الأمنية، حلق بالأجواء داخل مدرسة “الكرايم” الى أفق شعر معه الجميع بأن مكانة المدرسة مركزية في وعي ووجدان جميع القطاعات والأجهزة.
قدمت عناصر الدرك الشروحات المطلوبة بمهنية عالية، وقدرة تواصلية من التلاميذ انتزعت اعجاب الجميع.
أساتذتي راكم عزاز …
بالنسبة لمؤسسة للتعليم العمومي، ما يصنع الفارق فعلا هو تقوية الشروط الذاتية المتمثلة في الموارد البشرية التي تتوفر عليها، كان من الممكن أن يركن مدير المؤسسة وطاقمه التربوي الى الاجوبة الجاهزة حول قلة الموارد البشرية واللوجستيكية والمالية، والظروف الاجتماعية بمحيط المؤسسة، لكن الذي حصل أن قوة ارادة مكونات المدرسة في الارتقاء بها صنعت الفارق، ومنحت منطقة اولاد سعيد مدرسة تقدم تكوينا رفيعا وتحرص على تمكينهم من كل الأدوات الضرورية لكي يحلقوا بمواهبهم وإبداعاتهم عاليا.
انتهت الصبيحة وانفضت الجموع، وعاد التلاميذ لمنازلهم، لكن مشاهد فريق عمل المؤسسة وصور ابتساماتهم بخجل واستحياء وهم يتلقون التهاني والاشادة من قبل الجميع للعمل الذي أنجزوه، ستظل عنوانا عريضا للعطاء اللامحدود وللتضحية ونكران الذات ..
قالها التلاميذ في نهاية الصبيحة” أساتذتنا راكم عزاز ” : مريم مسافر، سعاد غلابي، زينب بستاني، نجاة أشميلي، خديجة عمراني، عبد الرزاق محوح، بنداود العسري، هشام الغرزاز، خديجة البطي، سمية كوفية، مامات أشميلي، فاطمة الزهراء حمدي، الشرقي نضيلي، والمايسترو مدير مجموعة المدارس محمد المنفلوطي..
كل التقدير..
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=4126