عامل إقليم سطات والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء ينفذان خطة استباقية قوية عبرت بالاقليم لبر الأمان وجنبته شبح الكارثة
فجرت مشاهد الفيضانات بمختلف مقاطعات الدار البيضاء خلال التساقطات المطرية الأخيرة والتي تناقلتها وسائل الاعلام الوطنية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة، موجة خوف وتساؤلات داخل مختلف أوساط الإقليم حول جاهزية البنية التحتية للإقليم للعبور بأمان من تمرد الطبيعة وغضبها المحتمل على ما تصنعه أيادي الانسان، وأشد المتفائلين كان يعتقد بأن سطات لن تكون بمنأى عن ضربات محتملة للمياه وهي تقتفي شعابها القديمة أو تتحدى إهمالا في تنقية قنوات التصريف.
كان واردا أن تعاقب مياه الأمطار أي تقصير أو إهمال، وأن تعري على وجه لا تزال الساكنة تتذكر تفاصيل ملامحه البشعة بالتدقيق الممل ذات ليلة وصبيحة من 23 و 24 نونبر 2012 . لكن الذي حدث غير ذلك تماما..
الشبح..
نحن الأن في صبيحة 24 نونبر من 2012 ، أمطار غزيرة وفي وقت قياسي، جعلت سطات تتنفس تحت الماء، وفي اليوم التالي أحصى الاقليم حصيلة فادحة وخسائر كبيرة في الارواح والممتلكات والأراضي الزراعية، تم تسجيل حوالي40 قتيلا بالاقليم (كان الاقليم يضم سطات وبرشيد) من بينهم اثنان بسيدي حجاج وواحد بسطات عل مستوى الطريق الوطنية رقم 9 ، كما تم تسجيل عشرة أشخاص وقتها في عداد المفقودين، خسائر هائلة في رؤوس الابقار والأغنام والدواب وعدد كبير من الهكتارات في الأراضي الفلاحية التي غمرتها المياه وجرفت السيول عدد كبير من المنازل وخاصة بمدينة بن احمد وكذلك عدد كبير من السيارات منها ثلاثة بمدينة سطات وشلت بالكامل حركة السير بالطريق السيار الرابط بين سطات وبرشيد، وعلى الطريق الوطنية رقم 9 بلغ ارتفاع المياه متر وأربعين سنتيما بسيدي العايدي، وتوقفت حركة السير بالطريق الجهوية الرابطة بين سطات قيصر والبروج وتوقفت أيضا حركة القطارات بين سطات والدار البيضاء، في حين غمرت الأوحال بعض شوارع مدينة سطات، وفي مدينة بن احمد أتت التساقطات على مساحة مهمة من الأراضي الزراعية كما انهار 14 منزلا في الزاوية التاغية واتلفت جميع محتوياتها وغمرت المياه دار القرآن، كما غمرت المياه أحياء كاملة بالمدينة وأحدثت خسائر مادية كبيرة خصوصا بآحياء بام والطلعة ومولاي يوسف ودرب عويدة.
ماذا وقع ؟..
ساعات بعد الصدمة وإحصاء الخسائر خلصت دراسات تقنية الى أن الأسباب تكمن في عدم تكملة انجاز قناة وادي بو موسى من قبل وزارة التجهيز التي تعهدت بانجاز المشروع، واهمال انجاز قناة لوادي بو موسى على الطريق الوطنية وعدم صيانة المجاري والقناطر، وعدم انجاز شبكة جديدة لقنوات الصرف بمدينة سطات واهمال الصيانة. لتخلص هذه الدراسات الى أن الحل يكمن في بناء سد تلي يجمع مياه السيول والأمطار ومياه وادي بو موسى.
حماية سطات .. الأولوية
ولإن كانت حصيلة الفيضانات بإقليم سطات ثقيلة للغاية لعقدين من الزمن، حتى أن الساكنة كانت تضع أيديها على قلوبها سنويا مع انطلاق موسم الأمطار خوفا من “شبح الفيضانات”، فقد فرض ملف حماية الإقليم نفسه في أجندة كل مسؤولي المدينة، بحيث أن جميع الولاة والعمال الذين تعاقبوا على الاقليم كانوا يضعون هذا الملف في الأولوية، وصولا الى العامل الحالي السيد براهيم أبو زيد.
كانت البداية بتأمين مجرى وادي بو موسى وتم تحييد خطره بالكامل، لكن الرهان كان على صيانة المجاري باستمرار حتى لا تتمرد المياه المنسابة بغزارة على المجاري وتخرج مارد الفيضانات من جديد، لذلك لا غرابة أن تكون أشهر الخريف الأولي سنويا مناسبة للتعبئة الشاملة وإطلاق عمليات واسعة للتنقية والاصلاح والمراقبة تحت اشراف العامل وأطر وعمال الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالشاوية والمكتب الوطني للماء والكهرباء والمديرية الجهوية للتجهيز.
اجتماع عمل لاتخاذ تدابير و إجراءات استباقية
ترأس السيد إبراهيم أبو زيد، عامل إقليم سطات يوم الأربعاء 28 أكتوبر 2020 بمقر عمالة الإقليم اجتماع عمل من أجل تفعيل المخطط الإقليمي لمواجهة الفيضانات وتدارس الإجراءات الاستباقية للتخفيف من آثارها وتتبع وضعية المناطق المهددة بها، مع حلول فصل الشتاء للموسم الحالي، وذلك بحضور السلطات المحلية والمصالح الأمنية والعسكرية والمصالح الخارجية المعنية.
وأبرز عامل الإقليم في بداية هذا الاجتماع، أن المخطط الإقليمي يعتمد على تدابير استباقية يتعين اتخذاها من طرف جميع المصالح المتدخلة لمواجهة آثار التساقطات المطرية، ومن جهة أخرى على مقاربات اجتماعية مرتبطة بتقديم المساعدة لساكنة المناطق المهددة بخطر الفيضانات بالإقليم . داعيا في نفس الوقت، كافة المتدخلين إلى الانخراط الفعلي لتنفيذ المخطط الإقليمي مع زيارات ميدانية إلى المناطق المعنية والإسراع باتخاذ تدابير وقائية ضد الفيضانات المحتملة على مستوى المناطق المهددة بوقوع فيضانات من خلال تنظيف أنابيب الصرف الصحي وتعزيز وصيانة السدود الوقائية….
وفي نفس السياق، تناولت كافة العروض والتدخلات مختلف التدابير الوقائية خلال الفترة الشتوية وتحديد البيانات المتعلقة بالمناطق المهددة بالفيضانات بالإقليم والمنشآت الموجودة على أحواض الوديان والنقط السوداء بالشبكة الطرقية وحصر الأماكن التي من المفترض أن تكون مراكز استقبال وأماكن تخزين المؤن والمواد الغذائية وإحصاء الوسائل اللوجستية والبشرية المتاحة بالإضافة إلى الإجراءات التي سيتم تنفيذها بالتعاون مع جميع المتدخلين لتحيين المخطط الإقليمي للوقاية والتدخل ضد المخاطر المحتملة للفيضانات.
وخلال هذا الاجتماع، فقد تقرر اتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات تتلخص في إحداث لجنة إقليمية لليقظة والتتبع والتنسيق لاتخاذ القرارات اللازمة لإيجاد الحلول الاستباقية المستعجلة للمشاكل المسجلة بالاعتماد على الوسائل اللوجستية المتوفرة والموارد البشرية ومراكز الاستقبال والإيواء المتوفرة. وكذا إحداث مراكز متقدمة للقيادة بالقرب من المناطق والدواوير المهددة بالفيضانات بالتنسيق مع جميع المتدخلين بما في ذلك ممثلي المصالح التقنية الإقليمية وكذا تسخير الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية المتوفرة في عمليات الإنقاذ.
كما تقرر إعداد مراكز وفضاءات الإيواء التي يمكنها استقبال الساكنة المتضررة وتأمين وضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية من ماء وكهرباء ووسائل الاتصال مع الحرص على التموين المستمر من المواد الغذائية الأساسية وتحسيس الساكنة بالمناطق المهددة بضرورة توخي الحيطة والحذر والالتزام بمبادئ السلامة.
عامل الاقليم ، RADEEC ، والضربات الاستباقية..
في الأوقات الاعتيادية حسب ما أفادت به مصادر من الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء الشاوية، تقوم مصالح هذه الأخيرة بحملات التنقية القبلية بشكل مستمر وعلى طول السنة لشبكة الصرف الصحي :
*تنقية المنشأت الفنية : مفرغوا الحموالات (30 Deversoirs d’orage) مجاري مياه الأمطار (Chenal) القنوات الرئيسية والثانوية، البالوعات والفوهات…
*تنقية السراديب (Galeries ) : على طول 5Km تقريبا التي تقدف مياه الأمطار مباشرة في الأودية “واد بوموسي بسطات و “واد جينجا بالسوالم”
*عناية خاصة توليها مصالح الوكالة للنقط السوداء ومنها:
– الممرات التحتية للسكك الحديدية تفاديا لانقطاع حركة السير و الجولان (شارع الجنيرال الكتاني، شارع الحاج بوشعيب بلبصير)
– الشعب الأتية من خارج المدار الحضري و التي تجرف بحمولات تسبب في اختناق البالوعات و القنوات.
– الأحياء المهددة بالفيضانات كحي سيدي عبد الكريم، حي التنمية، حي الفرح… بمدينة سطات.
وتشارك الوكالة في جميع حملات النظافة والمحافظة على البيئة التي تقوم بها المصالح الإقليمية والبلدية كتنقية مجري وضفاف “واد بومسوسى” المركب الجامعي، شعبة حي الفرح، شعبة المناصرة، شعبة طريق ابن احمد، طریق مراکش و مختلف أحياء المدينة.
نشرة انذارية.. ساعة الصفر
فور توصل الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالشاوية، بالنشرة الإنذارية لمديرية الأرصاد الجوية من طرف السلطات الإقليمية، قامت الوكالة بتعبئة الإمكانيات المادية والبشرية و اللوجستية استعدادا للتدخل تفاديا للفيضانات خاصة بالمناطق المهددة و النقط السوداء و بتنسيق تام مع مصلحة الديمومة المستمرة المحدثة على مستوى إقليمي سطات و برشيد.
وتتوفر الوكالة حسب ما أفاد به مديرها على برنامج للتدخل السريع في حالة الضرورة القصوى، وذلك بتعبئة جميع الإمكانيات اللوجستية و البشرية لضمان جودة مياه التسرب و تصريف مياه الأمطار.
وتتوفر الوكالة على برنامج للتدخل السريع في حالة الضرورة القصوى، وذلك بتعبئة جميع الإمكانيات اللوجستية و البشرية لضمان جودة مياه التسرب و تصريف مياه الأمطار.
وتدخلت مصالح الوكالة بطلب من السلطات الإقليمية في مناطق غير تابعة لنفوذها بالمشاركة بإمكانياتها اللوجستية والبشرية (مضخات، آليات، شاحنات…) ونذكر على سبيل المثال تدخل الوكالة مؤخرا أثناء التساقطات المطرية بدوار الغابة على مستوى جماعة السوالم الطريفية، دوار النكرات بجماعة الدروة دوار الحداية و اولاد عباس بالسوالم…
ما جعل عملية التدخل تمر بانسيابية سهر عامل إقليم سطات، رئيس المجلس الإداري للوكالة بشكل شخصي على تطبيق البرامج المسطرة من طرف الوكالة فيما يخص التطهير السائل وكذا إنجاز مشاريع تهيئة واد الغدر و واد علي مومن من أجل حماية المدينة من الفيضانات ويتجلى ذلك في عدم تضرر الحي الصناعي و حي السلام بالتساقطات المطرية الأخيرة.
على سبيل الختم
يمكن القول بأن التدخلات الاستباقية التي قامت بها السلطات العمومية وباقي المصالح وعلى رأسها الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بالشاوية قد جنبت الاقليم كارثة الفيضانات، وحدها بعض الحفر بمختلف أحياء وشوارع الإقليم خدشت هذه الصورة بفعل تجميع المياه داخلها وتهديد سلامة مستعملي الطريق، لكن على العموم، نجحت سطات في ترويض اودية وشعاب كانت الى وقت قريب تشكل أكبر تهديد لمراكز الاقليم، واستطاعت المنهجية التواصلية القوية التي تم تبنيها في تقديم تدخلات عاجلة في كل الأماكن التي عرفت مشاكل في تصريف مياه الأمطار.
المصدر : https://akhbarsettat.com/?p=3780