تحليل إخباري: كنيسة سطات !! .. سوء الفهم الكبير ..

هيئة التحرير
هنا سطات
هيئة التحرير26 مارس 2021آخر تحديث : الجمعة 26 مارس 2021 - 2:09 صباحًا
تحليل إخباري: كنيسة سطات !! .. سوء الفهم الكبير ..

طفا على واجهة الأحدات خلال اليومين الماضيين بمدينة سطات موضوع بالغ الحساسية والأهمية في نفس الوقت، موضوع يرتبط بممارسة مجموعة من سكان حي الفرح لحقهم القانوني والشرعي في التعبير عن وجهات نظرهم من خلال مراسلة المسؤوال الترابي الأول عن الإقليم والتعبير عن موقف رافض لتحويل فيلا سكنية الى معبد تقام فيه الطقوس الكنسية,

تكتسي حساسية الموضوع المثار أيضا لكونه يتقاطع مع واحدة من أهم المرتكزات والقيم السامية للأمة المغربية والتي تتأسس على التعايش بين الأديان والتسامح وكفالة حق ممارسة غير المسلمين لعقيدتهم بحرية في بلد السلام وملتقى الحضارات.
النقاش الذي انطق بين ساكنة الفيلات المجاورة للفيلا محط الجدل ربما استحضر جميع الأضرار التي ستلحقهم كجيران وهو أمر طبيعي ويكفله القانون لهم ومن واجبهم على المسؤولين الانصات لهواجسهم والبحث عن الحلول الكفيلة بطمأنتهم.
لكن ربما في لحظة الانتقال لخطوة الترافع عبر كتابة ملف مطلبي ووضعه على طاولة السيد عامل إقليم سطات, حدثث انزلاقات على مستوى صياغة النص، والذي مع كامل الأسف تم تعميمه على نطاق واسع، فتم خلق تدافع حول موضوع يعتبر من نقط قوة الأمة المغربة، وتحول لتماس عقائدي حاد أحالت إليه إحدى الفقرات مع القواعد العامة لمسلمات الدولة ومرتكزاتها, الأمر الذي أخرج مطلبا عاديا ومعقولا بالحفاظ علي هدوء وسكينة الحي الى نقاش تم افتراشه على بعض المواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، فحواه شرعية وضع كنيسة والخلط الفظيع بين الديني والاداري وهو أمر لا يتحمل مسؤوليته السكان بقدر ما دفعت به القراءة الحرفية لبعض الإسباب التي وضعها مذيلو العريصة.
ولفهم موضوع تخصيص مكان للعبادة للمسيحيين في سياقه الطبيعي، ودون تشنج من الضروري التأكيد على أن الدولة لم يسجل أنها منعت يوما اماكن لإقامة الشعائر المسيحية بل إنها تشكل نموذجا في التعايش بين الديانات ولنا أن نطالع تصريحات وحوارات بابوات الفاتيكان المتعاقبين حين يصفون المملكة المغربية بأرض التعايش والتسامح، ويشيدون بأدوار أمير المؤمنين في وضع جسور حضارية للحوار والتعايش بين كل الديانات.

وسطات لم تكن يوما شاذة عن هذه القاعدة وهذه القناعة، لذلك فلا عجب أن تتواجد كنيسة وسط حي لكناناط مند أكتر من عقد من الزمن.

فكيف لنا اليوم أن نخلق نقاشا نطالب من خلاله ممتل الدولة بالاقليم أن يمنع مهاجرين وضيوف من أداء شعائرهم الدينية التي يكفلها الدستور والمواتيق الدولية بحجج مع كامل الأسف أخطأت المنطق.
مع كامل الأسف مراسلة السكان كانت رسالة خاطئة ليس في مشروعيتها ولكن في المنطلقات التي بنت الموقف حولها ,

ماذا لو ترجمت هذه المراسلة للغة الايطالية وقرأت في نابولي وروما وجينوفا حيت التسامح والتعايش مع قاعات الصلاة وسط الأحياء “الكاتوليكية” كيف سيستوعب اصدقاءنا أن هناك بيننا من يفكر بأن تواجد معبد بامكانه انزال القيمة التجارية للعقار بأرقى حي بعاصمة الشاوية؟ وهل حدث نفس الامر بحي لكنانط هل باع السكان منازلهم بأثمنة بخسة وهربوا؟ للحقيقة ما نعلمه أنه لم يسجل يوم أن اشتكى مواطن بالكنانط من ضجيج أو أجراس او من انخفاض في قيمة العقار, ولم تتزعزع عقيدة طفل او شيخ بسبب تواجد كنيسة يحج اليها عدد محدود من المسيحيين وأغلبهم طلبة بجامعة الحسن الأول.

الم يكن على الاقلام التي تناولت الموضوع بسطحية أن تتساءل قبل ان تقترح عليهم السفر الى البيضاء من أجل اداء شعائرهم الدينية عن عدد الافارقة الذين يدرسون بسطات ؟

للمعلومة العدد يقارب 800 تلتيهم تقريبا من غير المسلمين الى يتسع صدرنا لاحتضان العدد القليل منهم الذين يعتبرون في حكم الممارسين لطقوسهم الدينية والذين لا تتعدي أعدادهم فالاوقات العادية أصابع اليدين.
موضوع الكنيسة أخذ أكبر من حجمه وبإمكانه أن يؤدي لمنزلق خطير إن نحن فكرنا بمنطق ضيق, ففي النهاية من حق الساكنة أن تطالب السلطات بمنع نشاط يزعجهم أكان ورشة ميكانيك او مدرسة او معبد لكن لا يحق لهم أن يقدمو رسالة خاطئة للعالم بالاسباب التي وضعوها في مراسلتهم للسيد العامل، ويطلبو منه أن يبني عليها في منع مهاجرين من اداء طقوسهم الدينية.

المؤسف أنه حتى حين تذكرت المراسلة قيم التعايش، بسرغة أفرغته من مدلوله النبيل، وقرنته بالمضرة للأجيال الحالية واللاحقة، فكيف لنا أنا نقف في هذا الجانب الهش على حافة المنطق، وهل نحن كمسلمين بهذا الضعف الذي يجعل توجه مهاجرين وضيوف مسيحيين لمعبد من أجل الصلاة مضرة وتهديدا لعقيدة أبتائنا ..

نتمنى أن يتغلب المنطق في هذا الملف وأن يتم تصحيح هذه الصورة التي نجزم بأن موقعي العريضة وهم بالمناسبة أساتذة لنا من خيرة أطر المدينة وكفاءات عالية ونخب وازنة، لا يمكن أن يكونو إلا كرماء ومتسامحين مع إخوة لنا في الانسانية وضيوف عندنا في مغرب التعايش والتسامح.. 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.